الثروة والفقر والصحة و جائحة «كورونا»

0

الثروة والفقر والصحة و جائحة «كورونا»

 

الأحوال الاقتصادية والصحية والاجتماعية تتحسن مع انخفاض فجوة عدم المساواة في الثروة والدخل.
أغنى واحد بالمئة في العالم ولديهم أكثر من مليون دولار يمتلكون 44 بالمئة من ثروة العالم!
يُرجّح أن يكون العمال السود واللاتينيون من بين العاطلين عن العمل أكثر من البيض، وفقاً لبيانات مكتب إحصاءات العمل.
كانت الأزمة الاقتصادية المرتبطة بجائحة كورونا «كوفيد-19»، مدمرة بشكل خاص للملونين حيث أدى الإغلاق إلى لارتفاع مستويات البطالة.

لا يؤثر سوء توزيع ثروة الأمم في الدخل فقط بل يتعداه حيث عدم المساواة تؤثر في تحديد صحة الدول. لكن كيف يرتبط عدم المساواة بالصحة؟
* * *

 

تقديم الكاتب اشرف السعدني

خفضت بعض البلدان عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع. لكن الفجوات الاقتصادية استمرت في النمو مع حصول الأغنياء على مستويات غير مسبوقة من الثروة.
وجاءت جائحة فيروس كورونا، «كوفيد-19»، لتفاقم التفاوتات الاقتصادية في جميع أنحاء العالم. ذكرت منظمة «أوكسفام»، التي تعمل في مجال الفقر والظلم في العالم، أنه في الفترة من 18 مارس/ آذار إلى نهاية عام 2020، زادت ثروة المليارديرات العالمية بمقدار 3.9 تريليون دولار.
وعلى النقيض من ذلك، ووفقاً لمنظمة العمل الدولية انخفضت إيرادات العمال في العالم بمقدار 3.7 تريليون دولار، حيث فقد الملايين وظائفهم في جميع أنحاء العالم.

 

ووفقاً لتقرير الثروة العالمية لمصرف «كريدي سويس» (Credit Suisse Global Wealth)، فإن أغنى واحد بالمئة في العالم، الذين لديهم أكثر من مليون دولار، يمتلكون 44 بالمئة من ثروة العالم.
وتُظهر بياناتهم أيضاً أن البالغين الذين تقل ثروتهم عن عشرة آلاف دولار أمريكي يشكلون 56.6 بالمئة من سكان العالم، لكنهم يمتلكون أقل من 2 بالمئة من الثروة العالمية. ويشكل الأفراد الذين يمتلكون أصولاً تزيد قيمتها على مئة ألف دولار أقل من 11 بالمئة من سكان العالم لكنهم يمتلكون نحو 83 بالمئة من الثروة العالمية.

 

ووفقاً لمجلة «فوربس»، يمتلك أغنى 10 مليارديرات في العالم 801 مليار دولار من الثروة المجمعة، وهو مبلغ أكبر من إجمالي السلع والخدمات التي تنتجها معظم الدول على أساس سنوي وفقاً لصندوق النقد الدولي.

وغالباً ما راكم أصحاب الثراء الفاحش ثرواتهم على ظهور أشخاص حول العالم يعملون مقابل أجور زهيدة،، وفي ظل ظروف صعبة. ووفقاً لمنظمة «أوكسفام»، فإن فجوة الثروة بين المليارديرات العالميين والخمسين بالمئة من سكان العالم الأفقر تتزايد باطراد. وبين عامي 2009 و 2018، انخفض عدد المليارديرات الذين احتاجوا إلى مساواة ثروة أفقر 50 بالمئة في العالم من 380 مليارديراً إلى 26 مليارديراً فقط.

 

صحيح أن النمو الاقتصادي السريع في آسيا (خاصة الصين والهند) انتشل الكثير من الناس من براثن الفقر المدقع. لكن أغنى واحد بالمئة في العالم حصدوا حصة أكبر بكثير من المكاسب الاقتصادية، وفقاً لتقرير عدم المساواة العالمي.
ورغم أن حصتها (حصة أغنى واحد بالمئة) من الدخل العالمي قد انخفضت إلى حد ما منذ الأزمة المالية في عام 2008، إلا أنها لا تزال أعلى بكثير من حصتها البالغة 16 بالمئة في عام 1980.
لا يؤثر سوء توزيع ثروة الأمم في الدخل فقط، ولكن يتعداها حيث عدم المساواة تؤثر في تحديد صحة الدول. والسؤال هو: كيف يرتبط عدم المساواة بالصحة؟

 

تشير الأدلة المتزايدة من العلماء في جميع أنحاء العالم إلى أن العديد من مؤشرات الصحة مثل متوسط العمر المتوقع، ومعدل وفيات الرضع، والسمنة وغيرها، يمكن ربطها بمستوى عدم المساواة الاقتصادية داخل مجموعة سكانية معينة.
ويبدو أن زيادة عدم المساواة الاقتصادية تؤدي إلى نتائج صحية أسوأ. إن سوء الصحة والفقر يسيران جنباً إلى جنب، ولكن تظهر الأبحاث الوبائية أن المستويات المرتفعة من عدم المساواة تؤثر سلباً في صحة حتى الأثرياء. ويرجع ذلك أساساً، كما يؤكد الباحثون، إلى أن عدم المساواة يقلل من التماسك الاجتماعي، وهي ديناميكية تؤدي إلى مزيد من التوتر والخوف وانعدام الأمن للجميع.

 

وقد عرف الاقتصاديون وخبراء الصحة منذ سنوات أن الأشخاص الذين يعيشون في المجتمعات الفقيرة يعيشون حياة أقصر. ويعيش الناس فترة أطول في الدول ذات المستويات الأقل من عدم المساواة، وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي.

وفي الولايات المتحدة فإن متوسط العمر المتوقع أقل بأربع سنوات منه في بعض البلدان الأكثر إنصافاً. وبينما ظل الناس العاديون في جميع أنحاء العالم يعانون من الآثار الصحية والاقتصادية للوباء، فقد شهد المليارديرات في الواقع زيادة ثرواتهم.
ووفقاً لتحليل معهد دراسات السياسة لبيانات فوربس، زادت الثروة المجمعة لجميع المليارديرات الأمريكيين بمقدار 1.138 تريليون دولار (39 في الماة) بين 18 مارس/ آذار 2020، و18 يناير/ كانون الثاني 2021، من نحو 2.947 تريليون دولار إلى 4.085 تريليون دولار.

 

ووفقاً لباحثي جامعة شيكاغو، كان لدى المجموعة الأقل دخلاً أعلى معدل فقدان للوظائف بين 1 فبراير/ شباط 2020 ونهاية يونيو/ حزيران، بينما كان لدى العمال ذوي الدخل الأعلى أدنى معدل فقدان للوظائف خلال هذه الفترة. في حين تقلصت الفجوات إلى حد ما بحلول نهاية يونيو/ حزيران 2020.

لقد كانت الأزمة الاقتصادية المرتبطة بجائحة كورونا «كوفيد-19»، مدمرة بشكل خاص للأشخاص الملونين. حيث أدى الإغلاق إلى ارتفاع مستويات البطالة في مارس، وإبريل.
وكان من المرجح أن يكون العمال السود واللاتينيون من بين العاطلين عن العمل أكثر من البيض، وفقاً لبيانات مكتب إحصاءات العمل. وواضح أن الأحوال الاقتصادية والصحية والاجتماعية تتحسن مع انخفاض فجوة عدم المساواة في الثروة والدخل.

* د. علي توفيق الصادق خبير مالي واقتصادي بحريني مدير معهد السياسات الاقتصادية بصندوق النقد العربي سابقا.

موضوعات تهمك

الشعبوية.. بين الصعود والهبوط

متى تم إنتاج أول فيلم ناطق في مصر والول العربية ؟و ما إسم هذا الفيلم

 

[cov2019]