المجاعات وامور اخرى بعد كورونا

0

المجاعات وامور اخرى بعد كورونا

لا يمكن إنكار العلاقة بين النمط الرأسمالي المسيطر عالميا وتوالد الأزمات الاقتصادية وغيرها.
تحذيرات من مجاعات لتفاقم أزمات اقتصاد العالم وانتشار الحروب والفقر وستكون أكثر كارثية من وباء كورونا نفسه.
نُظم الرعاية الصحية بالبلاد الفقيرة المستغَلة لن تتمكن من التعامل مع كورونا والمشكلات الكبيرة الأخرى ويخشى وفاة أعداد هائلة من البشر.
فوضى اقتصادية تجتاح العالم ستحرم مئات الملايين من الأجور طويلا مما سيقود لمجاعات في الأشهر القادمة لا سيما في البلاد الفقيرة.
* * *

رغم الآثار الخطيرة التي تركتها جائحة كورنا والتي طالت معظم دول العالم، إلا أن تداعيات هذا الوباء قد لا تنتهي قريباً، حيث يحذر الكثير من الخبراء من تفشي الوباء من جديد، فضلاً عن التحذيرات من مجاعات بسبب تزايد الأزمات الاقتصادية على مستوى العالم، وانتشار الحروب والفقر.

وهي مجاعات ستكون أكثر كارثية من وباء فيروس كورونا نفسه، ولا سيما على الدول الفقيرة، أي أن ما بعد جائحة كورونا ربما يكون أقسى مما شهده العالم خلال عام 2020.

فبحسب برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، فإن العالم يقف على حافة مجاعة ذات أبعاد رهيبة، إذ تعتقد الأمم المتحدة أن أكثر من مئتين وخمسة وستين مليون شخص سيدفعون إلى المجاعة نتيجة أزمة فيروس كورونا، إضافة إلى الصراعات والحروب التي تتوالد باستمرار في أنحاء العالم.

ويعتقد برنامج الأغذية العالمية أيضاً أن نُظم الرعاية الصحية في البلدان الفقيرة والمستغَلة لن تتمكن على الأرجح من التعامل مع الفيروس، أو المشكلات الكبيرة الأخرى، وأنه بسبب ذلك سوف تموت أعداد هائلة من البشر، وأن التباعد الاجتماعي الذي يفرضه التعامل مع الفيروس قد يكون مستحيلاً في البلدان الفقيرة.

ولو تمعنا بما يجري في العالم في عصرنا الحالي، لوجدنا أنه رغم الأزمة التي أثارها فيروس كورونا، وبغض النظر عن كونه طبيعياً أم مصنعاً كما يذهب البعض، إلا أن أحداً لا يمكنه إنكار تلك العلاقة بين النمط الرأسمالي المسيطر في العالم، وتوالد الأزمات الاقتصادية وغيرها.

ذلك أنه بسبب هذا النمط الرديء البعيد عن المعايير الإنسانية في أغلب الأحيان، فإن ملايين البشر عبر العالم لا يمكنهم أن يأكلوا إلا إذا حصلوا على أجر، وحتى في هذه الحالة فإنهم يقبعون تحت نير الاستغلال الذي تفرضه الرأسمالية، وبالتالي سيظلون يعانون سوء التغذية.
زد على ذلك أن الفوضى الاقتصادية التي تجتاح العالم سوف تتسبب في حرمان مئات الملايين من الأجور لفترة طويلة، الأمر الذي سيقود إلى المجاعات في الأشهر القليلة القادمة.

ولا سيما في الدول الفقيرة، أو تلك التي تعاني صراعات سياسية وإثنية وعرقية مختلفة، تسعى الدول الاستعمارية إلى تأجيجها باستمرار، لاتخاذها وسيلة للتدخل في شؤون هذه الدول وسرقة ثرواتها، ما يعني أنها ستبقى تدور في حلقة مفرغة.

حيث تتسبب الصراعات المسلحة في الدمار الاقتصادي، الذي يقود بدوره إلى مخاطر المجاعات، وهذه بدورها أيضاً تصبح سبباً رئيسياً في تجدد الصراعات، وظهور ما يمكن تسميته بالحروب من أجل الطعام، ومواجهة الفقر.

خاصة أن تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن مئات الملايين من البشر يعيشون حالياً على حافة الموت جوعاً، رغم ظهور من يعرفون بالمتفائلين الجدد، الذين يرون أو تصور لهم مصالحهم أن العالم يتحول بشكل لا هوادة فيه إلى مكان أفضل.

وأن الناس في كل مكان يزدادون غنى، وسوف يستمر هذا على نحو أو آخر إذا ما تركت السوق الحرة لتقوم بعملها، على حد زعم هؤلاء، أصحاب تلك الأفكار الساذجة.

فالأوضاع في العالم سيئة وتتجه نحو الأسوأ، لدرجة أن رئيس برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة، ديفيد بيسلي اضطر إلى وصف الحالة التي تواجه الإنسانية بأنها «رهيبة».

وأمام هذا الواقع القاتم يبدو السؤال الأهم هو «إلى أين يتجه العالم فعلا ؟»، وما هو المطلوب لتفادي المخاطر القادمة، وأبرزها مخاطر المجاعات، التي بالتأكيد لن تنحصر آثارها على الدول الفقيرة وحسب، وإنما ستنعكس سلباً على الاستقرار في العالم كله.

 

 

* نبيل سالم كاتب صحفي

(الخليج)

[cov2019]