إلى أين يصير التردى العربى فى مواجهة الإجرام الصهيونى ؟!!
إلى أين يصير التردى العربى فى مواجهة الإجرام الصهيونى ؟!!
بقلم :ـــ أحمد عزت سليم
مستشار التحرير
فى ظل التردى العربى فى مواجهة العدو الإجرامى الصهيونى ، إستطاع الكيان الصهونى الإجرامى أن يؤكد أن التصرفات الإجرامية الوحشية الصهيونية من أجل سعادة الإنسانية والتخلص من الشرانية وقوى الشر والنفايات البشرية ، ثم هى شكل من أشكال الدفاع المقدس عن الوجود اليهودى فى الأرض المقدسة ، وصادرة عن ذات مقدسة حل فيها الإله وطبقاً للمخطط التوراتى بأكل ثروات الأمم التى تطأها بطون أقدامهم المقدسة ، وتسييد العالم حتى تصير صهيون ملكاً لصهيون التى سيرون فيها الرب وينزل الماسيح اليهودى المخلص فيحكم البشر اليهود ويقهر الأغيار الحيوانات ، هكذا انخلق الارتباط والتوحد بالماضى التاريخى وباللاهوتى مع التحالف الاستعمارى الغربى الذى يسعى لإحكام سيطرته على العالم ، وجعل هذا الارتباط والتوحد مبرراً للحتمية الدموية التى تتفق والأهداف العنصرية الصهيونية العالمية والغربية ، وحيث يؤمن كل القادة فى “إسرائيل” ومعهم جميع الطوائف والألون “الإسرائيلية ” بالأيديولوجية اليهودية التى تقضى بأن لايعترف مطلقا وأبدا بأى جزء من أرض ” إسرائيل ” يعود لغير اليهود ، وأن كل الأرض ستسرد فى الوقت المناسب ، أى ستصبح ملكية يهودية ، وأنه من الواجب علينا أن نعرف هذه العقيدة الاستراتجية الصهيونية ” الإسرائيلية ” وأن نعيها تماما وألا ننخدع بغيرها مما يجرى تسويقه فى العالم العربى الآن .
كما أن مواجهة هذا العداء الوحشى الذى تتميز به العنصرية الصهيونية وهو ممثل ومتجلى فى ” الدولة الإسرائيلية ” لن تتم إلا بمواجهة ثقافية وحضارية وعلمية لا تستند إلى فراغ أو عدم ، ولكن تستند بالضرورة إلى مرتكزات القوة فى الذات العربية بتراثها النضالى العميق والتى تؤسس لحركة مقاومة دائمة ، هذا التراث الذى يتهم بالتخلف وأنه السبب الرئيس الذى يكمن وراء المساوئ التى تعم العالم العربى – بل والعالم كله ، هذا الاتهام الذى يمثل إحدى منطلقات الدعاية الصهيونية العالمية المضادة والموجهة ضدنا والتى أستأنسها الصهاينة العرب ووكلاء الغرب الأمريكى الصهيونى ، ومنها ينطلق الغرب ، بناء على ميراث تاريخى من الخوف والكراهية لكل ما هو عربى وإسلامى ، للغزو والاعتداء منذ الحروب الصليبية الأولى والتى دامت قرنين من الاعتداءات الوحشية على المسلمين وذبح نحو سبعين ألفاً من المسلمين عند دخولهم القدس ، ومروراً بحركة الاستعمار الحديث التى وضعت العالم العربى تحت سيطرته وانتهبت فيها ثروته ثم امتداداً للحملة الصليبية بقيادة جورج بوش حيث تم غزو أفغانستان وغزو العراق وتكررغزو لبنان وتهديد سوريا وتفتيت السودان وتدمير غزة وإشعال حروب الفتنة والغزو فى الصومال ولبنان وفلسطين ومحاربة التقدم العلمى الإيرانى ، ومع أنه لم تقم أية دولة عربية وإسلامية بالاعتداء على العالم الغربى ، لكنه الهدف الغربى الأزلى الذى عبر عنه إرنست رينان عام 1862 ، إن الشرط الأساسى لانتشار الحضارة الغربية هو تحطيم الإسلامية ، وتلك الحرب الدائمة ، حرب لن تضع أوزارها إلا بعد أن يموت بؤساً آخر حفيد لإسماعيل أو يرد على عقبيه إلى أعماق الصحراء ، لأن الإسلام هو أكبر نفى لأوربا ، ستفتح أوربا العالم وتنشر دينها المتمثل فى القانون ، فى الحرية ، فى احترام الإنسان .
ولا شك أن هذا هو الذى نراه يتحقق فى العراق وفلسطين وفى العديد من المناطق العربية أمام أعيننا جميعاً الآن !! ورآه آباؤنا وأجدادنا مع حركة الاستعمار القديم ، والحديث الماثل أمامنا الآن بكل قـوة وعنفوان !!
الانسلاخ عن التراث هو أحد أهم الأهداف الاستعمارية الغربية الأمريكية الصهيونية والتى تسعى إلى تحقيقها إما بالتهديد والحصار والعقوبات أو القوات الدولية أو المتعددة الجنسيات أو بقوات الأمم المتحدة التى أصبحت إحدى أدوات الغزو الاستعمارى فى النظام العالمى الجديد التى تم توظيفها لخدمة المخططات الاستعمارية ، أو بالغزو المباشر أو بالغزو الثقافى تحت شروط المساعدات وبمعونة وكلاء الغرب من الأفراد والأنظمة داخل المنطقة والتى ساهمت مع العدو الصهيونى فى المحاولات الجارية لتصفية الثورة الفلسطينية وحولتها من ثورة حتى النصر إلى سلطة ذات وظيفة استخبارتية لا تملك أرضاً ولا سماء ولا بحراً ولا مصادر طاقة وكهرباء ومدنها محاصرة وطرقها يحكمها العدو وفصائلها متناخرة ومدخلاتها الاقتصادية تمر بقنواته المالية ، ولا يخرج أحد منها ولا يدخل إليها إلا بموافقته ، ولا قيمة لها سوى أنها أداة قهر ضد مواطنيها وحارس بوابة أو سجن ضد الثائرين عليه ، فيتم ضرب عناصر المقاومة واعتقالها وتصفيتها بالتوافق مع إخلاء الأرض من البيوت والسكان وتدميرهم بشكل منهجى من الآلة الصهيونية الاستعمارية ” دولة إسرائيل”، تحت سمع وبصر هذه السلطة ووكلاء العدو من الأفراد والأنظمة والذين ساعدوا وأمدوا الآلة العسكرية الصهيونية بالأسمنت والطوب والحديد لبناء المستوطنات والجدار العازل وتوجهت قذائفه الإجرامية من قواعده التى سمح بها هؤلاء الوكلاء بإقامتها على أراضى شعوبها لتقتل الأبرياء فى غزة وكل فلسطين .
وأصبحت المناداة بوقف أعمال العنف بين الطرفين هى أسمى الأمانى التى يسعى إليها الوكلاء لتحقيقها ، بينما العدو الصهيونى يمعن فى العنف والذبح حتى تتحقق مخططاته بالاستيلاء على الأرض كاملة خالية من ساكنيها الأصليين ، وحتى يكون مطلب هؤلاء فى مرحلة لاحقة هو السلام مقابل أن تتوقف الآلة الصهيونية ” دولة إسرائيل ” عن غزو بلادها ، واصبح التطبيع معترفا به رسميا لدى الكثير من الأنظمة العربية ولينادى المنادى أنه كلما خطت “إسرائيل” خطوة إلى الأمام نحو السلام فإنه سوف يخطو خطوتين كما قال ولى عهد البحرين ، ولتتحقق دعوة هرتزل – تحت تهديد الغزو ومسارعة الوكلاء- بإقامة كومنولث عربى يهودى بين “الدولة” الصهيونية والاقتصاديات العربية ، ويتحقق فيه جنة عدن التى دعا إليها الملك الحسن الثانى باشتراك العبقرية اليهودية والمال العربى أو على حد تعبير السادات … هكذا نرى الجنة أيضاً تتحقق الأن فى العراق وفلسطين والسودان والصومال وأفغانستان تحت رايات التعاون المستمر والبناء والحكمة والاستثمار !!
ومن ثم فإن إحياء نواحى القوة والمقاومة فى التراث العربى الإسلامى العميق ضرورة تحتمها طبيعة الصراع مع العدو الصهيونى بمستوياته المختلفة ، ” الإسرائيلية ” والأمريكية والعالمية ومع العناصر الصهيونية الداخلية ، وهذا الأحياء لا يمكن أن نستثنى منه القيم الروحية كمصدر من مصادر الطاقة الفاعلة والحركة الحيوية والإرادة القوية التى تشكلت ماهيتها منذ أزمنة سحيقة ضد العنصرية والانغلاق ، ومع التفتح والتحضر وضد الجمود ، ومع التسامح المرتبط بالشجاعة والإيمان ضد الخضوع والاستسلام ومع احترام الفرد والجماعة وضد التفتيت والتناحر ، وذلك فى كل متماسك يدعو لمقاومة الظلم ومحاربة الخراب ومقاومة المعتدى وطرد الغاصب وإعمال العقل والنقد لا النقل والاتباع والوصول إلى أعلى مراحل العلم وتطبيق الديمقراطية التى يتجدد بها الوجود العربى وتزداد قدرته على المقاومة والبقاء فى مواجهة المحو والفناء .