ئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن التخصص الجامعي
بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربى الدولى
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
مما لا شك فيه أن معظم الدارسين للطب والهندسة وإدارة الأعمال يحصلون على وظائف جيدة، والحقيقة أن أي إنسان يبرع في أي تخصص، ويصبح من الأوائل فيه، فإنه يحصل على وظيفة جيدة، كما أن هناك من درس الطب .. وعاش حياته كلها فقيراً ومغموراً، لأنه لم يكن أكثر من طبيب عام وعادي جداً.
* في بعض الأحيان يكون مطلوباً أن نتخذ القرار بسرعة حتى لا تفوت علينا فرصة نادرة، وتكون المعلومات موجودة، لكن الوقت المتاح للحصول عليها غير كافٍ، كما لو فرضنا أن القرار هو عبارة عن تسجيل في قسم من الأقسام الدراسية في إحدى الكليات، حيث يجد كثير من الشباب أنفسهم مخيَّرين بين كليتين أو ثلاث، وكثيراً ما يكون وقت التسجيل محدوداً، ومن الطبيعي أن الطالب اليوم يدرس ليتخرج، ويتوظف، ولهذا فإنه في حاجة إلى معلومات عن الجامعة التي سيدرس فيها، وعن طبيعة التخصص الذي سيدرسه وعن سوق العمل المتاح لذلك التخصص، وأمور أخرى من هذا القبيل … فما الذي على الطالب القيام به في ظل شح المعلومات حول كل ما ذكرناه ؟ أعتقد أن عليه القيام بالآتي :
– تأخير اتخاذ القرار إلى آخر لحظة ممكنة من أجل التمكن من جمع أكبر قدر من المعلومات .
– بمجرد أن نتخذ قراراً من أجل الانطلاق في تخصص أو عمل من الأعمال … نكون قد وضعنا أنفسنا في سياق المستقبل، أي في دائرة المظنون والموهوم، وذلك لأن الله – وحده – هو الذي يعرف بالضبط ما ستؤول إليه الأمور بعد سنة أو خمس سنوات، ومن هنا فإن الواحد منا يجمع المعلومات، ويفكر ويتأمل ويسأل …. ليس من أجل الحصول على قرار صائب، وإنما من أجل الحصول على أفضل قرار ممكن في تقديره .
– سؤال الطلاب الذين يدرسون في الكليات التي وجدتَ نفسك ملزماً بالدراسة في واحدة منها، سؤالهم عن مدى شعورهم بالفائدة وعن قوة المناهج والجو العام ….، وسؤال بعض الخريجين عن مجالات العمل لتلك التخصصات ومدى توفر الفرص فيها . المهم أن يعرف المرء كيف يتعامل مع كلام أولئك الذين يستشيرهم، لأنه قد لا يخلو كلامهم من شيء من التضارب والتناقض .
– استخارة الله – تعالى – والإلحاح عليه بأن يرشد إلى الصواب والخير …
– لكل قرار يتخذه الإنسان ميزات وحسنات، وله بعض المخاطر والتحديات، والمهم فصل ما هو حقيقي ومتوقَّع فعلاً من كل ذلك عما هو وهمي أو مضخَّم، والفصل بين ما هو معقول، وما هو غير معقول …
– ستأتيك معلومات كثيرة لا علاقة لها بموضوعك، أولا تؤثر في قرارك، حاول حذفها والتخلص منها لأن كثرة المعلومات تُربك العقل في التعامل معها، ومما يُذكر في هذا السياق أن أحد القضاة نظر في قضية شائكة وطلب وثائق تتعلق بها، فأُحضر له مليون وثيقة، فطوي ملف القضية، وسجَّل القضية ضد مجهول !
– استخدام الحدس والفراسة وطمأنينة القلب، ويروى عن عمر – رضي الله عنه – أنه قال : “من لم ينفعه ظنه – أي حدسه – لم تنفعه عينه ” والحدس ذو طبيعة غامضة، إنه يشبه أن يكون معرفة الإنسان بشيء دون أن يعرف كيف عرفه، وقد يكون الحدس نتيجة لتجمع الخبرات والمعلومات السابقة وتفاعلها مع بعضها، مما ينتج عنه نوع من الانفجار في الوعي أو الإدراك .
– لا تكمن فائدة الفلسفة وفهم طبائع الأشياء والسنن الربانية في الخلق في سد الفجوات المعرفية والتعويض عن نقص المعلومات، بل إنها تتجاوز ذلك إلى الحكم على المعلومات وتقويمها، وكشف ما يمكن أن يكون فيها من زغل، وفي سياق ما نحن فيه من مسألة اختيار التخصص، قد يأتي من يقول لك: إن الطلب على تخصص الطب سيظل مستمراً، ولن تجد طبيباً عاطلاً عن العمل؛ لأن الناس يزيدون والأمراض والأوبئة تزداد، لهذا فهو تخصص ممتاز دائماً، وحين ينظر المرء في هذا الكلام من أفق القوانين العامة التي تحكم مسيرة الحياة، فإنه سيستحضر المؤشرات والمعاني التالية :
١ – من يتحدث إليَّ يتحدث عن الطلب على مهنة الطب بعد ست أو سبع سنوات، وهي فترة طويلة نسبياً، ولا أحد يدري كيف ستكون الأوضاع وقتئذ.
٢- الطب تخصص مرموق جداً، وستظل له أهمية، لكن عليَّ أن لا أنسى أن موقعي في ذلك التخصص أعظم أهمية، فهناك طبيب مغمور، يكسب رزقه بصعوبة، وهناك طبيب بارز يشار إليه بالبنان ورزقه يفيض عن حاجته مرات عديدة.
٣- الإقبال على العلاج والتردد على الأطباء مرتبط بالحالة الاقتصادية للبلد، فإذا كانت سيئة فإن إقبال الناس على الأطباء سيكون ضعيفاً، وبذلك يكون العرْض أكثر من الطلب.
٤- الطب ليس هو التخصص الممتاز لكل الناس، ولهذا فلابد للمرء حتى ينبغ فيه من امتلاك الرغبة القوية والقدرة الظاهرة .
* تساءل عن اتخاذ القرار، عن أسوأ ما يمكن أن يتمخض عنه ذلك القرار، وتأمل في نفسك هل تستطيع تحمل هذا القرار ؟ وكيف يمكن أن تتصرف ؟
* أن تتخذ قراراً يعني أن تخاطر، ومهما كانت النتائج، فإن ذلك أفضل من العيش من غير قرار ومن غير مخاطرة، فالحياة الجيدة هي الحياة التي نعطي فيها للحياة، ونأخذ منها بما يُصلحنا، ويُصلحها.
[cov2019]