المقاومة الفلسطينية والجهة الخامسة خلال السنوات الاربع القادمة
المقاومة الفلسطينية والجهة الخامسة خلال السنوات الاربع القادمة
المتغير “قليل الاحتمال عظيم التأثير” احتمال حدوثه محدود لكن وقوعه يترك أثرًا كبيرا للغاية!
“الاستراتيجي الجيد يخطط بعقل الجبان وينفذ بقلب الشجاع “! (الجنرال جياب الذي قاد هزائم فرنسا وأمريكا في فييتنام).
هناك متغيرات احتمالها قليل أو متفاوت لكن لا يستبعد حدوثها فما الخطط الفلسطينية لمواجهة هذه المتغيرات قبل ان نكتشف أنها جهة خامسة؟
ما هي الجهة الخامسة أو المتغير قليل الاحتمال عظيم التأثير الذي يمكن أن تواجهه المقاومة الفلسطينية المسلحة خاصة في غزة خلال أربع سنوات قادمة؟
“كثيرا ما توقعت ان يأتيني العدو من إحدى الجهات الاربع لكنه كثيرا ما جاء من الجهة الخامسة” التي لم تخطر على البال! (الجنرال هيلموت فون مولتكة رئيس اركان جيش بروسيا).
* * *
الكاتب الصحفى أشرف السعدنى
تتعامل الدراسات المستقبلية مع متغير تسميه المتغير “قليل الاحتمال عظيم التأثير”، أي المتغير الذي يكون احتمال حدوثه محدودا لكن حدوثه –إذا وقع- يترك اثرا كبيرا للغاية، وهو ما يذكرنا بمقولة رئيس اركان الجيش البروسي هيلموت فون مولتكة: “كثيرا ما توقعت ان يأتيني العدو من احدى الجهات الاربع، لكنه كثيرا ما جاء من جهة خامسة” أي الجهة التي لم تخطر على بال مولتكة.
سؤالي: ما هي الجهة الخامسة او المتغير قليل الاحتمال عظيم التأثير الذي يمكن ان تواجهه المقاومة الفلسطينية المسلحة بخاصة في غزة خلال السنوات الاربع القادمة:
أولا، حدوث تغير في ايران يؤثر على مستويات مساندتها للمقاومة مثل:
أ- ان يموت المرشد الايراني علي خامنئي ويحدث صراع على السلطة يجلب قوى تكون أكثر تحللا من الالتزام بقضية فلسطين.
ب- أن تربط ادارة جو بايدن وبعض الدول الاوروبية التخفيف التدريجي للعقوبات بمطالب من ايران من بينها التخفيف التدريجي من المساندة الايرانية للمقاومة (وهي مساندة اعلن كل قادة المقاومة الفلسطينية المسلحة وجودها وفاعليتها لهم).
ت- أن يحدث اضطراب داخلي في ايران –لأي سبب– يؤدي الى تغير في سياسات ايران.
ث- ان تحدث حرب إسرائيلية إيرانية تؤدي لإضعاف إيران بقدر كبير يجعلها عاجزة عن مواصلة المساندة.
ثانيا، حدوث صدام عسكري بين حماس والجهاد الاسلامي في غزة نتيجة:
أ- مسايرة حماس لبعض مشاريع السلطة الفلسطينية بشكل يفجر الصراع بين حماس والجهاد الاسلامي.
ب- حدوث خلافات داخل حماس او بين أجنحتها العسكرية والمدنية وتؤدي لتقارب أحد هذه الاجنحة المختلفة اكثر من غيره من الجهاد الاسلامي.
ت- حدوث هجوم إسرائيلي على قطاع غزة يؤدي لاختراق بمستوى استراتيجي لدفاعات المقاومة تتبادل على أثره الاطراف المقاومة الاتهامات بالمسؤولية عما وقع.
ثالثا، اتساع قاعدة التطبيع مع اسرائيل الى حد اتخاذ الجامعة العربية قرارا بذلك، خاصة أن المبادرة العربية في بيروت 2002 هي مبادرة سعودية الجذور تنطوي على قدر من ذلك، لاسيما أن الجامعة العربية أصبحت اسيرة وبقدر كبير لمجاراة توجهات الدول الخليجية وهو ما كشفته مرحلة العشرية المنتهية من 2010 الى 2020.
رابعا، حدوث صراع بين أجهزة سلطة التنسيق الامني في الضفة الغربية تغذيه إسرائيل ويؤدي لموجات هجرة قسرية وطوعية في الضفة الغربية. وقد يظهر ذلك نتيجة:
أ- صراع على السلطة تغذيه إسرائيل ودول عربية بعد غياب رئيس سلطة التنسيق الامني في ظل تقدم عمره
ب- ذهاب قيادات من السلطة لمزيد من التنازلات تصل الى حد القبول بإدارة مدنية ذاتية واعتبار الضفة الغربية امتدادا إقليميا لإسرائيل.
خامسا، عدم السيطرة على جائحة كورونا الى الحد الذي يجعل من غزة غير صالحة للعيش، خاصة مع استمرار الحصار المصري والاسرائيلي.
سادسا، تبني سياسات توطين الفلسطينيين الى درجة تقبل فيه الدول العربية بتوطين الفلسطينيين في أراضيها ومنحهم جنسياتها بخاصة في دول الخليج ذات الجاذبية الأعلى اقتصاديا وسكانيا.
سابعا، إعلان سلطة التنسيق الامني في الضفة الغربية قطاع غزة إقليما متمردا بما يسمح لتدخل دولي لانهاء التمرد المزعوم!
ثامنا، أن تسوء الأحوال الاقتصادية والاحتقانات الاجتماعية قي لبنان إلى حد يغرق فيه حزب الله في أزمة داخلية تجره لساحات جديدة وصراع داخلي.
هذه متغيرات قليلة الاحتمال وإن تفاوتت مستويات احتماليتها ، لكن حدوثها يجب ان لا يجري استبعاده ، فما هي الخطط الفلسطينية لمواجهة مثل هذه المتغيرات قبل ان نكتشف انها جهة خامسة؟
إن عبارة الجنرال جياب (الذي عاصر هزائم فرنسا وامريكا في فييتنام) تستيقظ في ذاكرتي حيث قال” الاستراتيجي الجيد يخطط بعقل الجبان وينفذ بقلب الشجاع “… فهل من مستمع؟
* د. وليد عبد الحي أكاديمي وباحث في الدراسات المستقبلية