هل تقبل باكستان خيار التطبيع السام؟
هل يعقل أن تضحي أمريكا وإسرائيل بعلاقاتهما المتينة بالهند لحساب باكستان؟
هل يمكن ان تقترب باكستان من أمريكا على حساب علاقتها بالصين وايران؟
التطبيع خيار سامّ لباكستان ذلك أن أنها لن تجني منه سوى وعود فارغة على حساب مكانتها وفاعليتها الجيوسياسية.
هل تضحي باكستان باستقرارها لتعطي مبررًا قويًّا للمعارضة الباكستانية بكافة أطيافها للانتفاض على الحكومة والمؤسسات السيادية؟!
هل يعقل أن تعترف ادارة ترمب باستقلال كشمير المحتل من الهند وتصطف خلف موقف باكستان القلق من إدارة بايدن القادمة ونائبته هندية الأصل؟
* * *
تقديم الدكتور/ مازن النجار
أمكن رصد التصريحات الرافضةِ التطبيعَ مع الكيان الاسرائيلي من قبل رئيس الوزراء عمران خان اكثر من مرة خلال الشهرين الفائتين، إلا أن تصريحاته ازدادت أهمية وكثافة خلال الاسابيع القليلة الماضية، والتي أكد فيها رفض بلاده الاعتراف بالكيان الاسرائيلي، معلنًا تمسك باكستان بالحقوق الفلسطينية، وعلى رأسها الدولة الفلسطينية والقدس.
تصريحات رئيس الوزراء الباكستاني تزامنت مع تسريبات غير مؤكدة تتحدث عن ضغوط تمارسها عواصم عربية على إسلام أباد للسير في خطوات التطبيع مع الكيان الاسرائيلي، وقد حاول البعض ربطها بإصرار السعودية الأسبوع الفائت على استعادة وديعة من البنك المركزي الباكستاني تقدر بمليار دولار.
التقارير والأخبار تنوعت وتعددت مصادرها، غير أن أكثرها اثارة للاهتمام ما تداولته وكالات الانباء يوم امس السبت، وتحدثت عن زيارة لمسؤول عسكري باكستاني للكيان الاسرائيلي في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
معلوماتٌ كشف عنها نور داهاري المؤسس والمدير التنفيذي لمركز دراسات معهد “الثيولوجيا الإسلامية لمكافحة الإرهاب” (ITCT) ومقره في بريطانيا، وأكدتها الباحثة السياسية في جامعة ليستر شاما جونيغو عبر “تويتر”.
معلوماتٌ توافقت الى حد كبير مع الأخبار التي تناقلتها صحيفة “إسرائيل هيوم” في نوفمبر الماضي عن زيارة مسؤول عسكري من دولة إسلامية لم يتم الكشف عن هويتها، ورجحت العديد من المصادر بأنه مسؤول إندونيسي.
الجيش الباكستاني نفى الأخبار المتناقلة بشكل قاطع، ليتوافق موقف الجيش ورئيس الوزراء عمران خان الذي أمضى الأسبوعين الفائتين في تأكيد رفض بلاده الاعتراف بالكيان الاسرائيلي.
فهل حسمت إسلام أباد أمرها متجاهلة الضغوط الاقتصادية والسياسية، أم إنها ما زالت تناور وتتفاوض للحصول على أثمان سياسية واقتصادية مهمة تشمل كشمير وأفغانستان.
ولاسيما أن إسلام أباد قلقة من تراجع أهميتها في حال انسحاب القوات الامريكية من أفغانستان، بل لعلها تخضع لابتزاز كبير لإجبارها على إعادة التموضع؟.
لكن: هل يعقل أن تعترف ادارة ترمب باستقلال إقليم كشمير المحتل من الهند، وأن تصطف خلف الموقف الباكستاني القلق من إدارة بايدن القادمة، ونائبته كاميلا هاريس ذات الأصول الهندية؟
وهل يعقل أن تضحي واشنطن و”تل أبيب” بعلاقاتهما المتينة مع نيودلهي لحساب باكستان؟ وهل من الممكن ان تقترب باكستان في ظل الظروف الحساسة دوليًّا وإقليميًّا من واشنطن على حساب علاقتها بالصين وايران؟
والاهم من ذلك: هل تضحي إسلام أباد باستقرارها لتعطي مبررًا قويًّا للمعارضة الباكستانية بكافة أطيافها للانتفاض على الحكومة والمؤسسات السيادية؟!
إنها خيارات صعبة، فالثمن المعروض أقل بكثير من الكلف المتوقع دفعها في باكستان؛ ما يجعل من مليار او عشرة مليارات ثمنًا بخسًا جدًّا إذا ما قورن بالكلف الباهظة المتوقعة من هذا الاعتراف!
فأمريكا تستطيع أن تدفع المال عبر وكلائها ووسطائها في المنطقة والمؤسسات المالية الدولية، وتستطيع كذلك أن تستأنف العلاقات العسكرية مع الجيش الباكستاني بسهولة، ولكنها لن تندفع لمواجهة دبلوماسية واقتصادية مع نيودلهي في كشمير.
ولن تضحي بحليفها الذي رفض الانضمام لاتفاقية التجارة الآسيوية التي تقودها الصين؛ ما يجعل من خيار التطبيع خيارًا سامًّا لباكستان؛ ذلك أن أنها لن تجني منه سوى الوعود الفارغة على حساب مكانتها وفاعليتها الجيوسياسية.
* حازم عياد كاتب صحفي اردني
[cov2019]