الانتخابات الفلسطينية تضع حماس في ورطة

0

الانتخابات الفلسطينية تضع حماس في ورطة

 

شعب فلسطين ليس بحاجة لانتخابات ولا علاقة لها بالمصالحة ولن تؤدي إلى إنهاء الانقسام، بل تعمقه.
المستفيد الوحيد من الانتخابات تيار محمد دحلان فهذه الانتخابات تجري بضغوط من دول عربية تدعم وتمول هذا التيار.
على حماس سحب موافقتها على الانتخابات والعودة إلى حركة فتح من أجل تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، وليس إجراء الانتخابات،
الانتخابات ستتعمق الانقسام وتفاقم الخلافات داخل الفصائل وأغلب الظن أن الرئيس عباس سيُلغي الدعوة للانتخابات في هذه الحالة.
ضرورة محاسبة مرتكبي الأخطاء ومراجعة السياسات السابقة، والاعتراف بالأخطاء التي تم ارتكابها والتراجع عما يمكن التراجع عنه.
تنظيم مؤتمر عام لحماس خارج فلسطين لإجراء مراجعة شاملة في مسار الحركة وبحث مآلات وصلت لها وخطة مستقبلية لإنهاء الانقسام ومواجهة التحديات الكبرى.
* * *
تقديم الكاتب الصحفي\ اشرف السعدني

وضعت موافقة حماس على الانتخابات أدخلتها في ورطة، ودفعت القضية الفلسطينية برمتها نحو مأزق جديد، فضلا عن أن هذه الموافقة جرَّت حركة فتح أيضا إلى ورطة مماثلة، وأصبح كل المنقسمين يتجهون إلى الخسارة بدلاً من التوافق!
وأغلبُ الظن أن المستفيد الوحيد من هذه الانتخابات هو تيار محمد دحلان، وأن هذه الانتخابات تجري بضغوط من دول عربية تدعم وتمول هذا التيار.

وإذا تمت هذه الانتخابات فعلا وشاركت فيها حركة حماس، فهذا يعني أن الحركة ستكون قد ارتكبت رابع أخطائها الاستراتيجية، إذ أن من يدرس تاريخ الحركة ومسارها منذ التأسيس عام 1987 وحتى الآن، يجد أنها ارتكبت ثلاثة أخطاء استراتيجية بالغة الخطورة، يتوجب التوقف عندها ودراستها والتراجع عما يمكن التراجع عنه منها.

الخطأ الاستراتيجي الأول

المشاركة في انتخابات عام 2006، وبهذه الانتخابات تحولت حماس إلى العمل السياسي داخل سلطة تحت الاحتلال، وهي السلطة التي نتجت عن اتفاق أوسلو، الذي ترفضه حماس أصلاً، ولا تعترف به!

فضلاً عن أن فوز حماس بالانتخابات ومشاركتها بالسلطة، أشعر حركة فتح بالتهديد، وأشعل صراعا لا مبرر له بين الجانبين، وأدى بالفلسطينيين إلى الانقسام الكبير، والسنوات العجاف التي تلت هذه الانتخابات.

الخطأ الاستراتيجي الثاني

الخروج من سوريا وتوتير العلاقات مع إيران وحزب الله، وهو خطأ مازالت الحركة تدفع ثمنه منذ عام 2012 حتى الآن، إذ يومها كررت حماس خطأ منظمة التحرير في لبنان، حيث انزلقت إلى شأن داخلي لا علاقة لها به، وسرعان ما بدأت تدفع الثمن.

وبالمناسبة فأحد نتائج هذا الخطأ هو قرار المشاركة في الانتخابات الحالية، إذ أن أحد مبرراتها، أن الدول الحليفة للحركة حالياً تريد منها «تجديد شرعيتها».

الخطأ الاستراتيجي الثالث

إصدار «الوثيقة السياسية» سنة 2017، التي جاءت بعد أقل من عامين على سلسلة لقاءات سرية، جمعت بين قيادة الحركة ومبعوث «الرباعية الدولية» توني بلير، وهي لقاءات لم تكشف تفاصيلها لا الحركة ولا بلير نفسه، ولا تزال حتى الآن طي الكتمان، وكشفت عنها جريدة «التايمز» البريطانية في أغسطس 2015.

الخطأ الاستراتيجي الرابع

تتجه حماس حالياً إلى ارتكابه وهو المشاركة في انتخابات 2021 (إذا حدثت الانتخابات أصلاً) وهذه ستكون محطة فارقة تضاف إلى المحطات الثلاث السابقة، التي غيرت المسار السياسي للحركة، فضلاً عن أن الانتخابات المقبلة قد تكون الخطأ الأكبر.

وقد تؤثر في مستقبل القضية الفلسطينية برمتها، خاصة أنها من الممكن أن توسع دائرة الانقسام داخل حركة فتح أيضاً، فتقوم بتقسيم المقسم وتفتيت المفتت، بدلاً من تحقيق المصالحة والوحدة الوطنية وإعادة البوصلة إلى المواجهة الأصلية مع الاحتلال.

 

أما سؤال (ما الحل الآن؟) الذي يطرحه البعض، فالجواب عليه كبير وبالغ التعقيد وفيه الكثير من التفصيلات، لكن الوصفة التالية جزء مهم من الحل:

اليات الحل

أولاً،على حماس سحب موافقتها على الانتخابات والعودة إلى حركة فتح من أجل تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، وليس إجراء الانتخابات، إذ أن الانتخابات ستؤدي إلى تعميق الانقسام على المستوى الوطني وزيادة الخلافات داخل الفصائل، وأغلب الظن أن الرئيس عباس سيُلغي الدعوة للانتخابات في هذه الحالة.

ثانياً، على حماس أن تتوقف عن سياسة «لا حساب ولا ثواب ولا عقاب» داخل الحركة، وهذا يعني ضرورة محاسبة مرتكبي الأخطاء ومراجعة السياسات السابقة، والاعتراف بالأخطاء التي تم ارتكابها والتراجع عما يمكن التراجع عنه.
ثالثاً، تنظيم مؤتمر عام لحركة حماس ينعقد خارج فلسطين، ويحضره ممثلون عن الداخل والخارج والأسرى، على أن ينعقد المؤتمر على قاعدة أن الحركة لم تعد تنظيماً سرياً، وعليه تتم الاستعانة فيه بخبراء ومختصين وأكاديميين وشخصيات وطنية عامة، لإجراء عملية مراجعة شاملة في مسار الحركة، والبحث في المآلات التي وصلت لها، ووضع خطة مستقبلية لإنهاء الانقسام ومواجهة التحديات الكبرى التي تواجه الحركة والشعب الفلسطيني.

الخلاصة

وخلاصة القول، إن شعب فلسطين ليس بحاجة أصلا لانتخابات، كما أن الانتخابات لا علاقة لها بالمصالحة، ولا يمكن أن تؤدي إلى إنهاء الانقسام، بل ستؤدي إلى تعميقه.
فضلاً عن أن السيناريوهات والاحتمالات كافة، التي ستنتهي لها هذه الانتخابات ستؤدي بحركة حماس إلى الخسارة المؤكدة، ولذلك فان حماس تورطت بالموافقة، وورطت حركة فتح والشعب الفلسطيني معها ويجب أن تتراجع قبل فوات الأوان.

 

* محمد عايش كاتب صحفي فلسطيني

(القدس العربي)

[cov2019]