الشعبوية.. بين الصعود والهبوط

0

الشعبوية.. بين الصعود والهبوط

«دعم المعتقدات الشعبوية في أوروبا انخفض بشكل ملحوظ خلال عام 2020».
أحزاب عديدة لم تعد تخفي توجهاتها النازية ودعوتها لإقامة النظم الفاشية والشمولية الديكتاتورية في حال تسلمت الحكم.
بانتخاب ترامب تعززت مكانة التيار الشعبوي بالعالم وتصاعد خطاب الكراهية حتى ضربت الشعبوية دولاً من كبريات الديمقراطيات.
انخفاض حاد باتجاهات الشعبوية خلال 2020 بدول أوروبية مرتبط بوباء فيروس كورونا لكن قد يعود صعودها مع تحول تركيز الأزمة إلى الاقتصاد.
* * *
تقديم الكاتب الصحفي / اشرف السعدني

عاش العالم لبعض الوقت تحت هيمنة القوميين المتطرفين والعنصريين والمحافظين والمتدينين المتشددين، بخاصة منذ عام 2016 عقب تولي الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب سدة الحكم في واشنطن.

 

خلال هذه السنوات تعززت مكانة التيار الشعبوي في دول العالم، وتصاعد خطاب الكراهية حتى ضربت الشعبوية دولاً من كبريات الديمقراطيات في العالم. وفي أوروبا، وإن لم يصل هذا التيار إلى الحكم في الدول الرئيسية، فقد اشتد عوده وأصبح قوة لا يستهان بها في كل من فرنسا وألمانيا وإيطاليا والنمسا وهولندا وإسبانيا واليونان والدانمرك وبريطانيا والتشيك وسلوفاكيا!

 

بل وصل الأمر إلى حد أن العديد الأحزاب لم تعد تخفي توجهاتها النازية ودعوتها لإقامة النظم الفاشية والشمولية الديكتاتورية في حال تسلمت الحكم.
وكانت هناك قواسم مشتركة ومتغيرات ساهمت في صعود الشعبوية. فبعض الأحزاب في تلك الدول استشعرت تهديدات تستهدف الأمن والاستقرار الاقتصادي، فتبنّت رفض الآخر. وقد لخص الكاتب الأميركي بول كروغمان أهم سبب لتصاعد الشعبوية في بلدان أوروبا والولايات المتحدة الأميركية بالقول:

 

«النقطة الأساسية هي أننا نُعاني من نفس المرض (العنصرية البيضاء التي تجتاح العالم)، الذي استطاع أن يُدمر الديمقراطية في دول غربية. ونحن قريبون للغاية من نقطة اللاعودة».
وقد تصاعدت النقاشات السياسية والاقتصادية والدينية، حتى ظن الجميع أن الشعبوية في العالم في طريقها للسيطرة، مستغلةً قضية اللجوء واللاجئين والمهاجرين.
وفي مقال لها، أحصت المتخصصة في الجغرافيا السياسية «آناليزا ميربلي» 20 دولة في العالم باتت محكومة بحركات شعبوية خلال السنوات القليلة الماضية، في حين أن هناك 14 دولة أخرى تلعب فيها الأحزاب الشعبوية دوراً محورياً في صنع السياسات العامة.

 

وقد كشف استطلاع كبير لمؤسسة “يوغوف” YouGov، وهي واحدة من أبرز الشركات الرائدة عالمياً في مجال تقديم الخدمات الشاملة عن أبحاث السوق، أن «دعم المعتقدات الشعبوية في أوروبا انخفض بشكل ملحوظ خلال عام 2020».

كما أظهر مشروع YouGov-Cambridge Globalism، وهو مسح شمل حوالي 26000 شخص في 25 دولة تم تصميمه مع صحيفة «الغارديان»، «انخفاضاً حاداً في الاتجاهات الشعبوية خلال عام 2020 في ثماني دول أوروبية (بريطانيا والدنمارك وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وإسبانيا والسويد)، مرتبط على الأرجح بوباء فيروس كورونا، لكن صعود المعتقدات الشعبوية قد يعود مع تحول تركيز الأزمة إلى الاقتصاد».

 

وقد علق على هذه النتائج «ماتيس رودوين»، أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة أمستردام والخبير في الشعبوية، قائلاً: «يمكن أن تفكر في الفيروس كأنه مثل البركان، فبعد أن أصاب الشعبوية بشدة، فإنه سيترك وراءه أرضاً خصبة للمستقبل».

ووجد الاستطلاع أنه «في تلك الدول الأوروبية تراجع عدد الأشخاص الذين يدعمون الشعبوية، بل إن الانخفاض في بعض البلدان كان كبيراً: من 33% إلى 22% في الدنمارك، بانخفاض 11 نقطة مئوية، مع انخفاض 9 نقاط في بريطانيا، و9 نقاط في ألمانيا، و8 في فرنسا، و6 في إيطاليا و4 في بولندا».

 

ومع أن الشعبوية لم تمت، لكن يمكن لتراجعها أن يتواصل ويتعمق. فالأحزاب والحركات والتيارات الشعبوية وإن عاشت حالة صعود في كل أنحاء العالم، تبقى تواجه منظومة قيم راسخة في بعض بلدان الغرب تشكل مانعاً أمامها، قيم تتمثل في الانفتاح والتسامح ومناهضة العنصرية.

* د. أسعد عبد الرحمن كاتب وباحث فلسطيني

موضوعات تهمك

 البترول يعلن مفاجأة سارة للمصريين حول توصيل الغاز للمنازل

محافظ بني سويف يُهنئ الرئيس عبد الفتاح السيسي بحلول ذكرى الإسراء والمعراج

[cov2019]