فساد الاغنياء وفقراء العراق

0

فساد الاغنياء وفقراء العراق

تقديم الكاتب والباحث الدكتور/ مازن النجار

أغنياء «الفساد».. وفقراء العراق تضاعف الفقر من 20% إلى 40% ببروز أغنياء اغتنوا من «الفساد» وهدر المال العام وهرّبوا أموالهم للخارج. خطورة الأزمة المالية التي يعانيها العراق في كونه يعتمد على عائدات النفط لتأمين 95 بالمئة من الموازنة العامة. «الاستقرار الإقليمي» ضمانة كبرى لنجاح الاستثمار في المشاريع العربية المشتركة بمختلف أنواعها وأهدافها. ضرورة اعتماد الحكومة إصلاح اقتصادي شامل ليقود القطاع الخاص النمو وخلق الوظائف وتحقيق حوكمة اقتصادية ومالية.

* * *

توقع البنك الدولي تراجع نمو الاقتصاد العراقي من 4.4% العام الماضي إلى انكماش بنسبة 9.7% العام الحالي، مسجلاً أسوأ أداء سنوي منذ عام 2003.
حتى أن الأوضاع القائمة تحد من قدرته على إدارة وتخفيف الآثار الاقتصادية والاجتماعية الناتجة عن انخفاض أسعار النفط، وتداعيات فيروس كورونا، الأمر الذي ساهم بمضاعفة معدلات الفقر من 20% إلى 40%، مع بروز فئة من الأغنياء الذين اغتنوا من «الفساد» وهدر المال العام وهرّبوا أموالهم إلى الخارج.

مظاهرات ضد الفساد بالعراق

وأوضحت دراسة بحثية أن أفقر 10% في العراق يحصلون على أقل من 4% من الدخل بينما ينال أغنى 10% ربع دخل العراقيين.
وتبرز خطورة الأزمة المالية التي يعانيها العراق، في كونه يعتمد على عائدات النفط لتأمين 95% من الموازنة العامة.

ووفق إحصاءات شركة «سوم» الوطنية، خسر العراق 11 مليار دولار في فترة 4 أشهر (يناير-أبريل) من العام الجاري جراء تدهور الأسعار نتيجة تخمة المعروض بسبب انتشار كورونا، إذ بلغت مبيعاته 410 ملايين برميل (15.3 مليار دولار)، مقارنة بنحو 423 مليون برميل (26.3 مليار دولار) في الفترة ذاتها من العام الماضي.

وعلى هذا الأساس تقَدَّر الخسارة للعام الحالي بأكثر من 30 مليار دولار، وبما يزيد عجز الموازنة التي لم يقرها مجلس النواب بعد، بسبب حالة عدم الاستقرار السياسي والتغيير الحكومي.

حيث تواجه الحكومة الحالية التحدي العاجل لأزمة صرف الرواتب والأجور شهرياً لموظفي القطاع العام البالغة 3.5 مليار دولار، بينما عائدات النفط لا تزيد عن 1.4 مليار دولار، وفق بيانات أبريل الماضي.

لكن التحدي الأكبر أن البنك الدولي قدر احتياجات التمويل الإجمالية للعراق بنحو 67 مليار دولار، وفي وقت تواجه فيه البلاد خيارات محدودة، إذ أن الوصول إلى الأسواق الدولية قد يكون صعباً بالنظر لظروف تداعيات كورونا، والاعتماد الشديد على التمويل المحلي سوف يقلل من السيولة المتاحة لائتمانات القطاع الخاص.

لذا من الضروري أن تشرع حكومة مصطفى الكاظمي باعتماد برنامج إصلاح اقتصادي شامل يتطلع نحو المستقبل لتمكين القطاع الخاص من قيادة النمو وخلق التنوع وفرص العمل، مع تحقيق الحوكمة الاقتصادية والإصلاحات المالية.

ويأتي هذا الطرح بعدما فشل القطاع العام في حل الأزمات المتتالية، بسبب الخلافات السياسية بين الأحزاب الممسكة بالسلطة، خصوصاً أنه يوجد حالياً أكثر من 174 شركة مملوكة للدولة منها 80% خاسرة!

ويتوقع أن تتم «خصخصتها» في إطار خطة تعتمد رؤية وطنية، تتجاوز الاعتبارات السياسية والمصالح الضيقة، وتؤمّن انتقالاً تدريجياً لمختلف القطاعات، وبشكل يعيد التوازن لمصلحة القطاع الخاص، وبأقل الأضرار والتداعيات السلبية.

العراق بلد غني، وهو عملاق نفطي، وثاني منتج في «أوبك» بعد المملكة العربية السعودية، ويقدر احتياطيه المثبت بنحو 150 مليار برميل، ويشكل ثالث أكبر احتياطي للنفط التقليدي في العالم، وفيه فرص واعدة للاستثمار، وجاذب للمستثمرين (العراقيين والعرب والأجانب).

من هنا يتطلع العراق لاستعادة دوره الرائد في العالم العربي، واستثمار رصيده في إنقاذ اقتصاده المتدهور وتمويل إعادة الإعمار فيه، وانطلاقاً من أن «الاستقرار الإقليمي» هو ضمانة كبرى لنجاح الاستثمار في المشاريع العربية المشتركة بمختلف أنواعها وأهدافها.

وكان أول الغيث الإعلان عن اتفاق سعودي عراقي على خطة عمل مشتركة لعدد من المشاريع الاستثمارية بين البلدين، وتقديم الصندوق السعودي للتنمية قروضاً لعدد من المشاريع التنموية في العراق، ولمواجهة فيروس كورونا عبر تقديم المساعدات الطبية للعراقيين، إضافة إلى توقيع اتفاقيات في مجالات الاستثمار والطاقة والرياضة.
وقد سبق ذلك الزيارةَ المرتقبة لرئيس الحكومة مصطفى الكاظمي إلى المملكة في أقرب وقت.

* عدنان كريمة كاتب صحفي اقتصادي لبناني
الاتحاد الإماراتية

[cov2019]