أمريكا في أفغانستان: نهاية عبثية لأطول حرب في تاريخ امريكا!
قوات حلف الناتو لن تستطيع البقاء بدون القوة الجوية الأمريكية وأشكال الدعم الأخرى.
الخلاصة التاريخية للاجتياح الأمريكي حرب انتقاميّة ثم الانسحاب منها بعد تدمير بلد بأكمله وتعريض شعبه للعقاب على مدى عقدين؟
دمرت أمريكا البنى التحتية لأفغانستان وارتكبت عنفا ودمارا وقتلا لمئات آلاف الأفغانيين وأنفقت مئات مليارات الدولارات وخسرا آلاف الجنود.
اكتشف الأمريكيون متأخرين أن الإطاحة بطالبان لم تنه الحرب ولم تؤد لاستقرار أفغانستان ولم تنتج سلطة تعيد الأمن والسلام والتنمية بل اضطروا لمفاوضة طالبان.
أبلغت المخابرات الأمريكية بايدن أن طالبان قد تجتاح معظم أفغانستان في عامين أو ثلاثة لدى انسحاب القوات الأمريكية قبل توصل الأطراف لاتفاق تقاسم السلطة.
* * *
تقديم الكاتب الصحفي / اشرف السعدني
أكدت عدة صحف أمريكية، منها «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» أن الرئيس جو بايدن على أهبة إعلان إنهاء «أطول حرب خاضتها القوات الأمريكية في التاريخ» مؤذنا بانسحاب القوات الأمريكية بالكامل من أفغانستان.
ورغم وعد ينس ستولتنبرغ، الأمين العام لحلف الناتو، بعدم المغادرة «قبل أن يحين الوقت المناسب» فالأغلب أن قوات حلف الناتو لن تستطيع البقاء بدون القوة الجوية الأمريكية وغيرها من أشكال الدعم.
اختارت إدارة بايدن للانسحاب يوم 11 سبتمبر 2021، وهو موعد شديد الأهمية في رمزيّته السياسية، فالعمليات الحربيّة الأمريكية كانت ردّا من أقوى دولة في العالم على هجوم تنظيم «القاعدة» في اليوم نفسه قبل عشرين عاما، ولم يستغرق قرار الهجوم الأمريكي على أفغانستان وتجميع تحالف دوليّ مشارك فيه أكثر من 15 يوما.
بدا أن الهجوم الأمريكي أدى المطلوب منه فقد أطاح بسلطة حركة «طالبان» (التي لم تقبل التخلّي عن حليفها أسامة بن لادن المسؤول عن هجوم البرجين والبنتاغون بخطف طائرات مدنية).
وتطلّب ذلك تدمير البنى التحتية للبلاد، وافتتح مسلسلا لا ينتهي من العنف والدمار والقتل أودى بحيوات مئات آلاف الأفغانيين، من جهة، وكذلك إلى إنفاق واشنطن مئات مليارات الدولارات وخسارة آلاف الجنود، من جهة أخرى.
اكتشف الأمريكيون، متأخرين، ان الإطاحة بطالبان لم تنه الحرب، ولم تؤد إلى استقرار في أفغانستان، ولم تنتج سلطة قادرة على إعادة الأمن والسلام والتنمية لمواطنيها، والأسوأ من ذلك، أنهم مضطرون للتفاوض مع طالبان.
وقد بدأت المباحثات خلال حكم الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي أنجز «اتفاق سلام» معهم في شباط/فبراير 2020، التزمت إدارته فيه بتقليص القوات والانسحاب من البلاد بحلول الأول من أيار/مايو من ذاك العام، مقابل التزام طالبان بالانفصال عن «القاعدة» ومناقشة تسوية مع الحكومة الأفغانية في كابول.
أظهر الاتفاق انقلاب مسار الأمور، فالانسحاب الأمريكي سيبدأ فعلا بدءا من أيّار/مايو وسيستكمل نهائيا في 11 أيلول/سبتمبر، وحكومة أشرف غني، رئيس أفغانستان، أطلقت خمسة آلاف من سجناء الحركة العام الماضي.
لكن طالبان لا تبدو مرحبّة، وطالب متحدث باسمها، «بسحب جميع القوات الأجنبية من وطننا في التاريخ المحدد في اتفاق الدوحة». وهو الأول من أيار.
في المقابل، وحسب الاتفاق تعهدت طالبان بقطع العلاقات مع القاعدة والجماعات «الإرهابية» الأخرى والدخول في محادثات سلام بين الأفغان، غير أن هذه المحادثات تعثرت.
ترجّح مصادر سياسية عديدة أن الحكومة الأفغانية الحالية لن تصمد طويلا، وحسب «نيويورك تايمز» فإن وكالات المخابرات الأمريكية أبلغت بايدن أن حركة طالبان قد تجتاح معظم أفغانستان خلال عامين إلى ثلاثة أعوام، إذا انسحبت القوات الأمريكية قبل توصل أطراف الحرب إلى اتفاق لتقاسم السلطة.
وبما أن هذا هو السيناريو الأكثر احتمالا، فما هي الخلاصة التاريخية الممكن استنتاجها من الاجتياح الأمريكي غير شن حرب انتقاميّة ثم الانسحاب منها بعد تدمير بلد بأكمله وتعريض شعبه للعقاب على مدى عقدين؟
(القدس العربي)