الميلاد الحزين: أطفال العرب.. ومقاتلات إسرائيل
الميلاد الحزين: أطفال العرب.. ومقاتلات إسرائيل
«وجوه أطفال سوريا والعراق واليمن يدفعون ثمن الحرب الباهظ يجب أن تهز الضمائر»!
الاحتلال يذكِّر مجددا بعدوانيته وسلاح الجو الإسرائيلي نشر صورة يهنئ بعيد الميلاد قبل غارات جوية على ميليشيات إيرانية ومواقع عسكرية بسوريا.
فلسطين تعاني آلام الاحتلال وحضوره الفظ ومستوطنيه وآثاره الفادحة من بيوت مهدمة وحقول منهوبة وأسرى بالسجون والتكالب العالمي على شعبها.
* * *
تقديم الكاتب: اشرف السعدنى
شهدت عدة بلدان عربية، منذ مساء الخميس الماضي، احتفالات بأعياد الميلاد المسيحية للطوائف التي تسير على التقويم الغربي، وكانت أبرز الاحتفالات بالطبع في مدينة بيت لحم الفلسطينية، ورغم وجود الرموز والطقوس المعتادة كشجرة عيد الميلاد وأشكال الزينة، فقد طغى التوتّر على أجواء العيد.
فالبلاد التي ولد فيها المسيح تعاني آلام الاحتلال والحضور الفظ لقواته ومستوطنيه، وآثاره الفادحة، من البيوت المهدومة، والحقول المنهوبة، والأسرى في السجون، والتكالب العالمي على الفلسطينيين.
كان لافتا في هذا السياق، إشارة البابا فرنسيس في خطابه إلى أطفال البلدان التي تعاني من النزاعات في العالم خاصا بالقول إن «وجوه أطفال سوريا والعراق واليمن، الذين يدفعون ثمن الحرب الباهظ، يجب أن تهز الضمائر»، كما أعلن رغبته في زيارة العراق مطلع آذار/مارس المقبل.
وهي سابقة تاريخية تضاف إلى رصيد البابا الفريد الذي تحضر في خطبه قضايا المظلومين والبائسين والمهمشين، إضافة إلى مسائل الفساد والجريمة والبيئة.
تطرّقت رسالة البابا أيضا إلى المسألة الفلسطينية حيث تمنى أن يستعيد الفلسطينيون والإسرائيليون الثقة «من أجل البحث عن سلام عادل ودائم من خلال حوار مباشر، قادر على التغلب على العنف وتخطي الأحقاد»، كما وجه رسالة للشعب اللبناني، وتمنى السلام في ليبيا، وأشار إلى الآلام التي يتعرض لها الروهينجا، الأقلية المسلمة المضطهدة في ميانمار، كما تطرق لقضايا أخرى من دون أن ينسى المآسي التي خلفها انتشار وباء كورونا في العالم.
قدّم البابا في رسالته مثالا عالميا جديرا بالتقدير، بتجاوزه القضايا التي تخص المسيحيين (أو الكاثوليك الذين يعتبر رأس كنيستهم)، كما بتخصيصه جزءا من رسالة الميلاد لأطفال بلدان عربية تعاني من الحروب، معطيا بذلك حيّزا مهما للنزعة الإنسانية التي يفترض أن تكون عنصرا رئيسيا في أذهان الزعامات الدينية، الذين انصرف كثيرون منهم، وخصوصا في بعض البلدان العربية، إلى التصرف كأدوات لتبرير الأجندات السياسية الفظة ضد خصوم السلطات السياسيين، وهو ما يضعف مصداقيتهم الدينية ويجعلهم هدفا للانتقاد.
إحدى رسائل الميلاد جاءت من مكان غير متوقع، حين نشر لاعب كرة القدم المصري الشهير، محمد صلاح، صورتين يظهر في إحداهما برفقة زوجته ماغي وطفلتيه مكة وكيان، وقد ارتدوا زي «بابا نويل» وخلفهم شجرة الميلاد وصناديق الهدايا، وقد لقيت الصورتان تفاعلا كبيرا فنالت نحو مليون إعجاب خلال 12 ساعة، لكنها أثارت، كما العادة، جدلا بين مؤيدين ومعارضين.
من المثير أن دولة الاحتلال الإسرائيلي قامت، في هذه المناسبة، بالتذكير مجددا بطبيعتها العدوانية، حين قام سلاح الجو الإسرائيلي بنشر صورة عبر حسابه على موقع «تويتر» يهنئ بعيد الميلاد قبل شنه غارات جوية على مواقع لميليشيات إيرانية ومواقع عسكرية في سوريا.
وتظهر الصورة التي نشرها سلاح الجو عربة «بابا نويل» (أو سانتا كلوز) التي يفترض أن تقدم الهدايا للأطفال في العالم، لكن المفارقة أن هذه العربة التي تجرها الغزلان، كانت تجرها طائرة مقاتلة تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي.
إضافة إلى أنها أضحت تقليدا يتم الاحتفال به في كثير من ثقافات العالم، فإن عيد الميلاد مناسبة كبرى لإعادة ربط الآلام التي عانى منها المسيح بآلام الفلسطينيين المستمرة، وكذلك بآلام الأطفال العرب الذين يولدون في ظلال أشكال الاستبداد، كما حصل مع المسيح، وهي أيضا مناسبة لإعطاء هؤلاء الأطفال مساحة للفرح والأمل بحيوات أفضل وبلدان حرة من الاحتلال والطغيان.