رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يؤكد أن البذاءة لوم
بقلم \ المفكر العربى الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الرئيس التنفيذي لجامعة بيرشام الدولية بأسبانيا
البذاءة اصطلاحًا:
قال الغزالي رحمه الله تعالى: “هي التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة”؛ (الإحياء: 3/ 122).
وقال المناوي رحمه الله تعالى: “البذاء هو الفحش والقبح في المنطق، وإن كان الكلام صدقًا”؛ (التوقف على مهمات التعاريف: ص73).
وقال الكفوي رحمه الله تعالى: “البذاء (والبذاءة) هو التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة، ويجري أكثر ذلك في الواقع (أي: في الكلام المطابق للواقع، وهو الصدق)؛ (الكليات للكفوي: ص243).
دوافع البذاءة والفحش:
قال الغزالي رحمه الله تعالى: “إن السب والفحش وبذاءة اللسان مذمومة، ومنهي عنها، ومصدرها الخبث واللؤم، والباعث عليها إما قصد الإيذاء، وإما الاعتياد الحاصل من مخالطة الفساق وأهل الخبث واللؤم؛ لأن من عادتهم السب، ومواضع ذلك متعددة، ويمكن حصرها في كل حال تخفى ويستحيا منها؛ فإن التصريح في مثل هذه الحال فحش، وينبغي الكناية عنها، وأكثر ما يكون في ألفاظ الوقاع وما يتعلق به؛ فإن لأهل الفساد عبارات صريحة فاحشة يستعملونها، وأما أهل الصلاح فإنهم يتحاشَوْن عنها، بل يكنون عنها ويدلون عليها بالرموز، فيذكرون ما يقاربها ويتعلق بها، ألم ترَ أن الله عز وجل كنى باللمس عن الجماع؛ ولذلك فإنه تستعمل ألفاظ مثل المس واللمس والدخول والصحبة، كما يكون الفحش والبذاء أيضًا في حال قضاء الحاجة؛ فإن استعمال البول والغائط أولى من لفظ التغوط والخراء، ويدخل الفحش أيضًا والبذاء في ذكر النساء والكلام عنهن، فلا يقال: قالت زوجتك كذا، بل يقال: قيل في الحجرة، أو من وراء الستر، أو قالت أم الأولاد؛ فالتلطف في هذه الألفاظ محمود، والتصريح فيها يفضي إلى الفحش، وكذلك يدخل أيضًا في ذكر العيوب التي يستحيا منها، فلا ينبغي أن يعبر عنها بصريح اللفظ، فلا يقال: فلان الأبرص والأقرع، بل يقال مثلًا: فلان الذي به العارض الذي يشكوه، وهذا كله يختلف باختلاف البلاد، وأوائل هذه الأشياء مكروهة، وأواخرها محظورة، وبينهما درجات يتردد فيها”؛ اهـ بتصرف (الإحياء: 3/ 121).
النهي عن البذاءة:
• جاء الإسلام ونهى عن البذاءة والفحش، وبين أن البذاءة لؤم؛ فقد أخرج النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: “إن رجلًا وقع في أبٍ للعباس كان في الجاهلية، فلطمه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تسبوا أمواتنا فتؤذوا أحياءنا، ألا إن البذاء لؤم))؛ (قال العراقي في تخريجه على الإحياء: أخرجه النسائي بإسناد صحيح).
• لذا تجد أن المؤمن بعيد كل البعد عن البذاءة والفحش؛ فقد أخرج الإمام أحمد والترمذي عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس المؤمن بالطعَّان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء)).
• وأخرج الإمام أحمد والطبراني عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أنسابكم هذه ليست بسباب على أحد، وإنما أنتم ولد آدم، طف الصاع لم تملؤوه، ليس لأحد فضل إلا بالدين، أو عمل صالح، حَسْبُ الرجل أن يكون فاحشًا بذيًّا بخيلًا جبانًا))، (قال الهيثمي: فيه ابن لهيعة، وبقية رجاله ثقات).
• والله تعالى يبغض الفاحش البذيء؛ فقد أخرج الترمذي عن أبي الدرداء رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء)).
• والبذاءة من شعب النفاق؛ فقد أخرج الترمذي والحاكم في “المستدرك” عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه: أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الحياء والعي شعبتان من الإيمان، والبذاء والبيان شعبتان من شعب النفاق)).
• والبذيء الفاحش في النار؛ فقد أخرج الترمذي والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء من الجفاء، والجفاء في النار))؛ (صحيح الجامع: 3199، قال محقق جامع الأصول: إسناده حسن).
• ورأى أبو الدرداء رضي الله عنه امرأة سليطة اللسان، فقال: “لو كانت هذه خرساء، كان خيرًا لها”؛ (الإحياء: 3/ 125).
• وقال الأحنف بن قيس رحمه الله تعالى: “ألا أخبركم بأدوأ الداء: اللسان البذيء، والخُلق الدنيء”؛ (الإحياء: 3/ 123).
[cov2019]