رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن اليوم العالمي للغة العربية
بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
الثامن عشر من ديسمبر من كل عام هو اليوم العالمي للغة العربية، وهو يوم للاحتفال بلغتنا العربية، تلك اللغة الشريفة الخالدة المقدسة لدى كل مسلم، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله: “ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻣﻌﺮﻓﺘﻬﺎ ﻓﺮﺽ ﻭﺍﺟﺐ؛ ﻷﻥ ﻓﻬﻢ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻓﺮﺽ، ﻭﻻ ﻳُﻔﻬﻢ ﺇﻻ ﺑﻔﻬﻢ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻭﻣﺎ ﻻ ﻳﺘﻢ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﺇﻻ ﺑﻪ ﻓﻬﻮ ﻭﺍﺟﺐ”. وتمام كلام شيخ الإسلام رحمه الله: وأيضا فإن نفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب فإن فهم الكتاب والسنة فرض ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. ثم منها ما هو واجب على الأعيان، ومنها ما هو واجب على الكفاية، وهذا معنى ما رواه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عيسى بن يونس عن ثور عن عمر بن يزيد قال: كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أما بعد: فتفقهوا في السنة، وتفقهوا في العربية، وأعربوا القرآن فإنه عربي. وفي حديث آخر عن عمر، رضي الله عنه، أنه قال: تعلموا العربية فإنها من دينكم، وتعلموا الفرائض فإنها من دينكم. وهذا الذي أمر به عمر، رضي الله عنه، من فقه العربية وفقه الشريعة يجمع ما يُحتاج إليه؛ لأن الدين فيه فقه أقوال وأعمال، ففقه العربية هو الطريق إلى فقه أقواله، وفقه السنة هو الطريق إلى فقه أعماله. انتهى.
لماذا تقرر الاحتفال باللغة العربية في هذا التاريخ؟
إن سبب اختيار هذا التاريخ (الثامن عشر من ديسمبر من كل عام) بوصفه اليوم العالمي للغة العربية؛ لأنه يوم أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا تاريخيًا مشهودًا في مثل هذا اليوم من العام 1973، حيث أقرت الأمم المتحدة بموجبه إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية لديها، وذلك عقب اقتراح قُدم من كل من المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو.
خطوات نحو اليوم العالمي للغة العربية
لم يأت هذا القرار التاريخي من فراغ، وإنما كان مسبوقًا بجهود حقيقية جديرة بالإشارة إليها ههنا، وفي ما يلي إشارة خاطفة إليها:
أولًا: في 4 ديسمبر 1954، صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة يجيز الترجمة التحريرية فقط إلى اللغة العربية.
(أما الجهود التي أثمرت عنه فقد كانت تلك الجهود التي بذلت منذ خمسينات القرن الماضي).
ثانيًا: في عام 1960، قررت اليونسكو استخدام اللغة العربية في المؤتمرات الإقليمية التي تُنظَّم في البلدان الناطقة بالعربية وبترجمة الوثائق والمنشورات الأساسية إلى العربية.
ثالثًا: في عام 1966، صدر قرار يعزز استخدام اللغة العربية في اليونسكو وتقرر تأمين خدمات الترجمة الفورية إلى العربية ومن العربية إلى لغات أخرى في إطار الجلسات العامة.
رابعًا: في عام 1968، اعتمدت اللغة العربية تدريجياً لغة عمل في منظمة اليونسكو وتوفرت خدمات الترجمة الفورية إلى العربية.
خامسًا: في سبتمبر 1973، استعملت اللغة العربية لغة شفوية خلال انعقاد دورات الجمعية العامة.
سادسًا: أصدرت جامعة الدول العربية في دورتها الستين قرارًا لجعل اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية للأمم المتحدة وباقي هيئاتها.
سابعًا: في ديسمبر 1973، أصدرت الجمعية العامة قرارًا يوصي بجعل اللغة العربية لغة رسمية للجمعية العامة وهيئاتها.
(وكما نرى فإن الجهود العربية من ضغط دبلوماسي مستمر كانت من وراء تلك الخطوات الحثيثة التي توجت في آخر الأمر ب اليوم العالمي للغة العربية).
ثامنًا: في عام 1974، استخدمت اللغة العربية لغة عمل في دورات المجلس التنفيذي، وأُدرجت في جدول الأعمال.
(وتمثلت الجهود المسببة لذلك في طلب حكومات جمهورية مصر العربية والعراق واليمن والجزائر والمملكة العربية السعودية وتونس والجماهيرية العربية الليبية والكويت ولبنان).
تاسعًا: في أكتوبر 2012، احتفلت اليونسكو لأول مرة باليوم العالمي للغة العربية.
عاشرًا: في 23 أكتوبر 2013، قررت (أرابيا) وهي الهيئة الاستشارية للخطة الدولية لتنمية الثقافة العربية التابعة لليونسكو، اعتماد اليوم العالمي للغة العربية بوصفه عنصرًا من العناصر الأساسية في برنامج عملها السنوي.
أهمية اللغة العربية
اللغة العربية لغة ملايين العرب حول العالم ويعنو إليها نحو ربع سكان العالم من المسلمين بل ويتحدثون بتلك اللغة الشريفة يوميًا ولابد! نعم لابد وإن لم يكونوا من أهل اللسان العربي أن يتحدثوا باللغة العربية؛ ذلك بأن المسلمين حول العالم يقيمون الصلاة كل بضع ساعات، مسخدمين ولابد اللغة العربية في قراءة القرآن وكذلك غيره من الكلمات العربية في أثناء الصلاة، والتي لا تصح الصلاة إلا باستخدام الألفاظ العربية كما هي، ولا تستخدم الترجمات في قراءة القرآن أبدًا عند الصلاة، كما هو معلوم من الدين بالضرورة لدى كل مسلم. واللغة العربية من أقدم اللغات السامية، وأكثرها تحدثًا، ويتجمع أهلها من العرب المتحدثين بها في منطقة جغرافية ذات موقع استراتيجي فريد من نوعه عالميًا يعرف باسم الوطن العربي. وهي أيضًا من بين اللغات الأربع الأكثر استخدامًا في الإنترنت، وكذلك الأكثر انتشارًا ونموًا متفوقةً بذلك على الفرنسية والروسية. ومن نافلة القول فإنه في الحادي والعشرين من فبراير يحتفل كذلك بما يعرف بيوم اللغة الأم.
[cov2019]