روايات نسائية خليجية في الهند
روايات نسائية خليجية في الهند
معظم الترجمات العربية الحديثة موجّهة إلى لغات الغرب والفتات منها للغات المشرقية القريبة بالثقافة والتاريخ والجغرافيا.
لا ألاحظ اهتماما في جامعاتنا العربية بالآداب الهندية أو المشرقية إلا نادرا! فأين الخلل الحقيقي؟ من المسؤول عنه؟ وكيف يمكن سد تلك الثغرة؟
أين يتجه قطار الترجمة الأدبية من العربية وإليها؟ وكيف للأدباء والكتاب العرب المساهمة فرديا وجماعيا في توجيه بوصلة ذلك القطار وتسريع وتيرته؟
* * *
الكاتب الصحفى أشرف السعدنى
إلى أين يتجه قطار الترجمة الأدبية من العربية وإليها؟ وكيف يمكن للأدباء والكتاب العرب أن يساهموا فردياً وجماعياً في توجيه بوصلة ذلك القطار والتسريع من وتيرته؟ وما دور القارئ والمتلقّي العربي في مسيرة ذلك القطار التي تبدو بطيئة وعشوائية إلى حد كبير؟
نعم.. هناك محاولات فردية ومؤسسية لإيصال نماذج من الأدب العربي، الحديث تحديداً، إلى الآخر الذي يقرأ بلغة غير عربية، ولكنها محاولاتٌ ضعيفة جداً على صعيدي الكم والكيف.
والأخطر من هذا أنها تبدو باتجاه واحد، فمعظم الترجمات العربية الحديثة موجّهة إلى لغات العالم الغربي؛ الإنكليزية والفرنسية والإسبانية والألمانية، ولا شيء إلا فتات الفتات منها للغات القريبة منها بالثقافة والتاريخ والجغرافيا، كالفارسية والهندية والتركية، وغيرها من لغات مشرقية.
شاركت قبل أيام في مؤتمر عبر الإنترنت عقدته أكاديمية التميز في الهند وقسم اللغة العربية ومجلس ضمان الجودة الداخلية في كلية لال غولا التابعة لجامعة كلياني في ولاية البنغال الغربية في الهند، وكان انطباعي الأول هو المفاجأة! فوجئت بكل شيء في هذا المؤتمر الذي عُقد على مدى ساعات طويلة، توزعت على يومين في جلسات متتابعة.
كانت المفاجأة الأولى اهتمام الجهات المنظمة بموضوع مثل موضع الروايات النسائية في منطقة الخليج العربي.
ليكون هو العنصر الأساسي في الأوراق البحثية للمؤتمر، فلم أكن أعتقد أن الهند، بتنوعها اللغوي والثقافي الكبير جداً، يمكنها أن تجد وقتاً وظرفاً للاهتمام بموضوع كهذا الموضوع الدقيق،
والذي ربما لم تلتفت بعد إليه حتى الجامعات العربية خارج المنظومة الخليجية.
ولكن بعد المشاركة والاستماع إلى المشاركين من جامعات هندية كثيرة، اكتشفت أن للأدب العربي مكانته المميزة راهناً في الهند، وأنهم يعرفوننا جيداً وأفضل بكثير مما نعرفهم، إن كنا نعرفهم فعلاً.
المفاجأة الثانية كانت بجودة تنظيم مؤتمر يُعقد لأول مرة عبر تطبيق زوم.
ويشارك فيه باحثون وروائيون ونقاد وأكاديميون من مختلف الدول تقريباً، وقد حضره مئات، إن لم يكن آلافاً، من المتابعين في منصات أكاديمية التميز الهندية عبر زوم وفيسبوك ويوتيوب
وغيرها من منصات الإنترنت. ومع هذا الحضور الكبير والوقت الطويل الذي استغرقته الجلسات في توقيتاتٍ عالمية مختلفة بالنسبة للمشاركين، إلا أن السلاسة والدقة كانا عنوان التنظيم الرائع
للمؤتمر بكل تفصيلاته الصغيرة والكبيرة أيضاً.
كانت المفاجأة الثالثة والحقيقية في المداخلات القيمة والرائعة
التي شارك بها طلاب من الجامعات الهندية المختلفة من الدارسين للغة العربية وآدابها، فقد كشفت تلك المداخلات عن إتقانهم اللغة العربية، واطلاعهم الواسع ليس على الأدب العربي القديم
وحسب، بل، أيضاً، على كثير من تجليات الأدب العربي المعاصر.
فهم يقرأون الروايات العربية الحديثة بلغتها الأم، ويتابعون كل ما هو مستجدّ في الساحة الإبداعية والنقدية العربية، وبمستوىً أثار دهشة جميع المشاركين العرب في المؤتمر كما أظن.
ومن متابعتي أسماء المشاركين في المؤتمر من الجامعات والمعاهد والأكاديميات الهندية، اكتشفت أن هناك اهتماماً أكاديمياً هندياً كبيراً بتدريس اللغة العربية في الوقت الحاضر، فيبدو أن هناك
جامعات هندية كثيرة تحرص على تدريس اللغة العربية وآدابها، وعلى إنشاء أقسام علمية خاصة بها.
في المقابل؛ لا ألاحظ مثل هذا الاهتمام في جامعاتنا العربية بالآداب الهندية، أو غيرها من الآداب المشرقية، إلا نادراً جداً. فأين الخلل الحقيقي؟ ومن المسؤول عنه؟ وكيف يمكننا سد تلك الثغرة؟
في نهاية المؤتمر قال رئيسه مدير أكاديمية التميز في الهند، صابر نواس محمد، إنه سوف يفتح آفاقاً جديدة أمام الباحثين والأساتذة في مجال الدراسات والبحوث العلمية، متمنياً أن تنفتح كل
الأبواب المغلقة بيننا وبينهم.. ولم نملك، نحن العرب المشاركين في المؤتمر، إلا أن نقول: اللهم آمين.
* سعدية مفرح كاتبة صحفية وشاعرة كويتية