رواية بطل حرب أكتوبر
متابعة عمرو السعدنى
اللواء عبدالجابركريم عن ذكرياته مع الحرب لأسرته،
أكد اللواء عبد الجابر فى البداية أن هناك قصصا وروايات كثيرة شهدتها فترة الحرب، يجب على الأجيال المختلفة قراءتها ودراستها بتأن من أجل الاستفادة منها وزيادة الوطنية لديهم. ويبدأ اللواء عبدالجابر سرد بطولاته قائلا: «بعد النكسة بذلت القوات المسلحة جهودًا ضخمة فى إعداد وتجهيز الوحدات العسكرية، وبدأت تضخ بها وجوها جديدة وأسلحة جديدة والاستعانة بحملة المؤهلات العليا، ليستوعبوا بشكل أسرع الأسلحة المعقدة، وتم التركيز أكثر على اللياقة البدنية، بعدما قررت الإدارة العامة تنظيم مسابقات رياضية فى مختلف الألعاب من أسوان لمطروح تتضمن جميع الألعاب بين الجيش الثانى والثالث، وشهدت هذه المنافسات قمة الصراع بين المجندين لنيل شرف الفوز،
والحقيقة أن المنافسة رفعت اللياقة البدنية للمجدنين بشكل كبير، وهو ما كان تقصده القيادة العامة من أجل تجهيزهم ليوم العبور، خصوصا أن عبور قناة السويس وسيناء يحتاج لمدة 24 ساعة سيرًا على الأقدام». وأضاف: «بدأت الأفكار العملاقة للعبور وأهمها نظرية إزالة الساتر الترابى الهائل بخراطيم المياه، وكانت بالجهود العادية تستلزم نحو 18 ساعة لكن تم اختصارها إلى فترة 6 إلى 8 ساعات وأحيانًا 4 ساعات، هذه المفاجأة صدمت العدو وأربكت حساباته، ثم جاءت مفاجأة خراطيم النابالم التى استطاعت القوات الخاصة غلقها ومن كان يستشهد كان سعيدا بخطوات النصر التى بدأت تلوح فى الأفق، وجاء دور صواريخ الدفاع الجوى التى تتعامل مع الطيران والتى كبدته خسائر ضخمة».
ويتابع اللواء عبدالجابر: «فى الحقيقة كنا نفكر فيما سيفعله الجندى الذى لا يحمل سوى سلاحه الشخصى «بندقية أو آر بى جى» أمام دبابات العدو بعد عبوره القناة والساتر الترابى، وهنا وجدنا ضالتنا فى صاروخ روسى مداه 3 كيلومترات، وكان هدف هذه الصواريخ تعطيل وضرب الدبابات التى ستعوق عمل كوبرى عبور القناة ومنح الجنود حرية العبور دون أى ضغوط من جانب العدو وهو ما تحقق بالفعل». وأردف: «من المفترض كنت أعبر مع قيادة الفرقة بعد العبور بساعة، لكننى أصررت على أن أعبر مع القوات فى أول عبور، لأنى وعدتهم بأن أكون معهم فى العبور الأول، وكانت أول معركة يوم 6 أكتوبر فى الساعة 9 مساء، وبدأت سرية دبابات من العدو تهاجمنا، ودمرنا 7 دبابات، وهربت حوالى 5 دبابات أخرى ناحية قرية الجلاء التى سميت بعد ذلك المزرعة الصينية، وتبعد عنا حوالى 3 كيلو، وبدأت تضرب كوبرى الفرقة 16، فصدرت الأوامر لنا بأن نتحرك 3 كيلو إلى قرية الجلاء للتعامل مع الدبابات، إلا أننا وجدنا الدبابات قريبة جدًا منا، وهنا يصعب استخدام الصاروخ، وعملنا حفرًا لأنفسنا، واتصلت باللواء عبدالعزيز الجوهرى، قائد المدفعية وقتها، وقرر عمل إضاءة قوية فهربت الدبابات، وبعدت عنا بمسافة كبيرة حتى تمكنا وقتها من ضربها بالصواريخ،
وكان اليهود يطلقون على كتيبتى وقتها اسم (عفاريت عبدالجابر)». وأكمل اللواء عبدالجابر حديثه قائلا: «كما أننى لا أنسى معركة الطالية يوم 9 أكتوبر، والطالية كانت عبارة عن (تبة) مرتفعة على بعد حوالى 8 كيلو من شرق القناة، وتصلح لسير جميع أنواع المركبات، وترتفع حوالى 50 مترًا فوق سطح الأرض، ويمكن منها المراقبة والسيطرة على الطريق الأوسط، وصدرت الأوامر من اللواء الجوهرى، والفريق عبدرب النبى حافظ، قائد الفرقة، بأن نحتل الطالية لصد لواء مدرع للعدو، وكان يومًا صعبًا، حيث تصدى لنا العدو بقوة، إلا أن جنودنا تصدوا لهم بقوة، وتم تدمير دباباتهم، إلا أن دبابة من دبابات العدو لم تصعد للتبة وهرب طاقمها، وقام أحد الجنود ويدعى (معوض)، وكان إداريا، يقوم بتصليح الأسلحة وتنظيفها ورأى جنود العدو يهربون من الدبابة، فأخبر زميلًا له من سائقى الدبابات، واستولوا على الدبابة وقادوها إلى تمركزنا، وصدرت الأوامر لاستهداف الدبابة بعد أن لمحها أحد جنود الاستطلاع، إلا أننا فى آخر لحظة رأينا (معوض) أعلى الدبابة يتراقص ويلوح بيده، وصاح الجنود (يا فندم دا معوض)، وظللنا نضحك كثيرًا»..
وعن الذكريات التى لا ينساها، قال اللواء عبدالجابر: «الجندى محمد عبدالعاطى الشهير بـ(صائد الدبابات) والذى دمر 27 دبابة بمفرده فيما بعد، كان حتى يوم 8 أكتوبر لم يشارك فى الحرب، لأنه كان فى احتياطى قائد اللواء، وكان متذمرًا جدًا، وأراد أن يشارك فى المعارك، وأتى إلىّ وطلب منى أن يشارك، وشارك فى هذا اليوم مع زميله «بيومى»، ودمر بمفرده 13 دبابة، ودمر (بيومى) 7 دبابات فى نصف ساعة، وانسحبت القوات الإسرائيلية، وفى اليوم التالى دمر بمفرده أيضًا 14 دبابة للعدو، كما لا أنسى يوم 8 أكتوبر الذى قال عنه اليهود (الاثنين الحزين)، وقال عنه شارون: (دفعنا بأفضل مدرعاتنا لوقف تدفق المصريين شرق القناة ولم يكتفوا بتدميرها، ولكنهم نتفوا ريشها)».. وأضاف: «كما لا أنسى أيضًا أن المشير عبدالحليم أبوغزالة، وكان وقتها قائد مدفعية الجيش الثانى، بعد أن كان هناك هجوم شديد من العدو على الفرقة 16، أتى إلى الفرقة وأدار المعركة من الميدان، بدلًا من إدارتها من القصاصين، وانفجر لغم فى سيارته وتوفى سائقه وأحد الضباط،
وهناك موقف آخر لا أنساه، أن اللواء عبد رب النبى حافظ، قائد الفرقة، حينما أصيب بشظية مدفعية إسرائيلية يوم 18 أكتوبر فى إحدى المعارك، وكان قد تم تدمير الكوبرى الخاص بنا، لم يكن هناك إسعاف، فذهبت به بنفسى إلى المستشفى، وبعد إصابته تولى اللواء أنور حب الرمان قيادة الفرقة، وطلب منى وقتها أن أذهب بمجموعة أسرى إلى قيادة الجيش الثانى الميدانى لأننى كنت على دراية كافية بالدروب والطرق». وتابع: «كما كانت لى ذكريات مع المشير حسين طنطاوى، وزير الدفاع الأسبق، حينما كان مقدمًا وقائد كتيبة، حيث كان بطل معركة المزرعة الصينية، وشاركت معه مجموعة من رجال كتيبتى، وبعد الحرب طلب منى أن يلتقط صورة تذكارية مع من شاركوا معه فى المعركة، لأنهم أبلوا بلاء حسنًا، وطلب منى أن أكون معهم». وفى ختام حديثه أكد اللواء عبدالجابر أن الجيل الحالى قادر على تقديم نفس التضحيات، مؤكدا أنه يملك الوطنية والقدرة على رفع علم مصر