رئيس اتحاد الوطن العربي الدولي يتحدث عن علاقة العربية بالسامية
بقلم \ المفكر العربي الدكتور خالد محمود عبد القوي عبد اللطيف
مؤسس ورئيس اتحاد الوطن العربي الدولي
رئيس الإتحاد العالمي للعلماء والباحثين
مما لاشك فيه أن أول من أطلق هذه التسمية (اللغات السامية) على العربية وأخواتها الساميات هو المستشرق الألماني شلوتر [1] Schlozer وذلك أخذاً من جدول تقسيم الشعوب الموجود في العهد القديم والذي جاء فيه:
“وهذه مواليد بنى نوح، سام وحام ويافث، وولد لهم بنون بعد الطوفان، بنو يافث جومر ومأجوج وماداى وياوان وتوباك وماشك وتيراس. وبنو جومر أشكناز وريفاث وتوحرمه. وبنو ياوان ألبشة وترشيش وكتيم ودودانيم، ومن هؤلاء تفرقت جزائر الأمم بأراضيهم كل إنسان كلسانه حسب قبائلهم بأممهم.
وبنو حام كوشن ومصر ايم وفوط وكنعان…..
وسام أبو كل بني عامر، أخو يافث الكبير وولد له أيضاً بنون. بنو سام عيلام وأشور وأرفكشاد ولود وأرام. وبنو أرام عوض وحول جاشر وماش. وأرفكشاد ولد شالح وشالح ولد عاير، ولعاير ولد ابنان اسم الواحد فالج، لأن في أيامه قسمت الأرض واسم أخيه يقطان. ويقطان ولد ألموداد وشالف وحضرموت ويارح وهد وارم وأوزال ودقلة. وعوبال وأبيمايل وشبا وأفير وحويلة ويوباب. جمع هؤلاء بنو يقطان وكان مسكنهم من حيشا حينما تجئ نحو سفار الجبل المشرق.
هؤلاء بنو سام حسب قبائلهم كألسنتهم بأراضيهم حسب أممهم. هؤلاء قبائل بنى تفح حسب مواليدهم بأممهم. ومن هؤلاء تفرقت الأمم في الأرض بعد الطوفان[2].
من هذا التقسيم السابق أخذ شلوتر كلمة اللغات السامية، حيث رجع كل العالم إلى الشعوب التي عمرت الأرض بعد انحسار طوفان نوح عليه السلام، وهي ذرية.
أولاده الثلاثة، سام وحام ويافث.
وتنقسم اللغات السامية إلى مجموعتين رئيسيتين:
هما الشرقية والغربية وتنقسم العربية إلى مجموعتين أخرين هما الشمالية والجنوبية.
المجموعة الشرقية:
هي اللغات: الأكادية بفرعيها البابلية والآشورية.
وقد عرفناها عن طريق النقوش المكتوبة على الطين المجفف بالخط المسماري. ومن أقدم الشرائع.
الأرضية. وموطن هذه اللغة هو بلاد ما بين النهرين، دجلة والفرات في العراق.
وقد قامت هذه اللغة منذ القدم، ولا يوجد من يتكلم بها الآن. وقد اكتشفها بوتا Botta؛ القنصل الفرنساوي في الموصل، بواسطة حفريات سنة 1843 م.
المجموعة الغربية:
وتقسم إلى قسمين:
أ- السامية الغربية الشمالية:
وتنقسم إلى اللغتين الكنعانية والآرامية.
1- الكنعانية:
تنقسم إلى الكنعانية الشمالية والكنعانية الجنوبية.
وتمثل الكنعانية الشمالية اللغة الأوجاريتية، وهى لهجة كنعانية قديمة، كانت تستخدم في أوجاريت – شمال اللاذقية – في سوريا. وقد اكتشفت سنة 1929 م.
والكنعانية الجنوبية تشمل اللغة العبرية، وأهم نص كتب بها هو العهد القديم، ويشمل ما يسمى – عند اليهود – بالتوراة وهى أسفار موسى عليه السلام الخمس؛ سفر التكوين وسفر الخروج وسفر اللاويين وسفر العدد وسفر التثنية. ثم كتب الأنبياء، والمكتوبات، مثل مزامير داود عليه السلام وأمثال سليمان.
ومن الكنعانية الجنوبية أيضاً (خطابات تل العمارنة) هي خطابات وجدت في منطقة تل العمارنة – شمال دير مواس بالمنيا، وترجع إلى حوالى عام 1425 – 1350 ق. م، وهى عبارة عن رسائل أرسلها أمراء سوريا وفلسطين إلى حكام مصر آنذاك باللغة الآشورية، وبها تعليقات باللغة الكنعانية.
ومن هذه اللغة أيضاً اللغة المؤابية، وتمثلها لوحة تذكارية كتبت لتخليد انتصار الملك ميشع ملك مؤاب، ويعود تاريخ هذه اللوحة التذكارية إلى حوالى عام 900 ق. م وقد اكتشفت عام 1868 م، وهى محفوظة في متحف اللوفر في باريس.
ومن فروع الكنعانية الجنوبية اللغة الفينيقية، وقد وصلت إلينا عن طريق النقوش، التي أهمها نقش الملك (كلمو) حوالي (600 ق. م) وقد اكتشفت في تل زنجبيرلي في سوريا، ويحفظ الآن في متحف برلين بألمانيا الشرقية.
وقد نشر الفينيقيون لغتهم عن طريق الاستعمار؛ في بلاد شمالي البحر المتوسط، وبخاصة في قرطاجنة، حيث سميت هناك (اللغة اليونية). ولا يعرف من آثار هذه اللغة سوى مسرحية شوية كتبها الشاعر الرومانى بلوتوس (Platutus).
2- الآرامية:
وهي من أقسام اللغات السامية الغربية الشمالية، ومن نقوشها القديمة نقش (تل حلف) ونقش الملك (بنمو الأول)، وقد مرت على تلك اللغة فترة من الزمن عرفت فيها باسم آرامية الدولة، نظراً لاستخدام الأخمينيين الفرس هذه اللغة في كتابة دواوين دولة الفرس.
ومن النصوص المكتوبة بآرامية الدولة أجزاء من العهد القديم (سفر دانيال، وسفر عزرا وسفر أرميا).
كما كتبت بالآرامية أوراق بردى عثر عليها في جزيرة فيلة بأسوان، حوالي مائة بردية، ترجع إلى حوالى عام 400 ق. م.
كما دون باللغة الآرامية (الترجوم)، وهو ترجمة العهد القديم من العبرية إلى الآرامية وتكلم بها السامريون أيضاً.
ووجدت نصوص بالآرامية، في صحراء سيناء، ونقوش نبطية، وتدمرية، وهي ترجع إلى القرن الأول قبل الميلاد، حتى القرن الرابع الميلادي.
ومن لهجات اللغة الآرامية اللغة (المنداعية)، وهي لهجة طائفة العارفين المسيحية، التي لا تزال توجد في جنوب العراق إلى اليوم.
وتعد اللغة السريانية أهم لهجات اللغة الآرامية، وتنقسم إلى سريانية شرقية، يتكلم بها المسيحيون التابعون لتعاليم يعقوب براديوس، وهم اليعاقبة.
وقد طغت اللغة العربية على الآرامية، عن طريق الفتوحات الإسلامية، غير أنها لا تزال يتكلم بهها من جهات جبلية مثل قرية المعلولة في سورية وطور عابدين في العراق.
ب- السامية الغربية الجنوبية:
وتضم هذه المجموعة لغتين هما:
1- اللغة العربية: وتنقسم قسمين:
العربية الشمالية: وهي وسط الجزيرة العربية وشمالها، وهي التي ماتزال بين أيدينا؛ لغة القرآن الكريم، ونعرفها باللغة العربية الفصحى. وقد انتشرت لغتنا العربية، وكتب الله لها الفصحى مادامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك. وذلك لنزول القرآن الكريم بها، وذلك الدستور السماوي الذي يتلى صباح مساء، ويتعبد به في مشارق الأرض ومغاربها.
العربية الجنوبية: وتعرف باللغة الحميرية، وتنقسم إلى لهجتين هما المعينية والسبئية، وذلك نسبة إلى قبائل حمير ومعين وسبأ – في بلاد اليمن جنوبي الجزيرة العربية.
2- اللغة الحبشية:
وهي اللغة التي تكلم بها سكان جنوبي شبه الجزيرة العربية، حيث انتقلوا عبر بحر العرب والمحيط الهندي إلى الصومال وأثيوبيا (بلاد الحبشة) وقد اختلطوا بأهلها الحاميين وطغت لغتهم على لغة هؤلاء الأقوام، وقد تمت هذه الهجرة إلى الحبشة قبل الميلاد بوقت طويل. وتسمى لغتهم أيضاً الجعزية، نسبة إلى الشعب الجعزى. ثم اقتبس الأحباش من اللغة الحبشية لغتهم الإثيوبية السائد الآن. ثم تفرعت إلى لهجات كثيرة أهمها الأمهرية [3].
وهذا رسم تخطيطي للغات السامية وفروعها:[4]
________________________________________
[1] انظر فصول في فقه العربية 21 وتاريخ اللغات السامية 2.
[2] العهد القديم – سفر التكوين – الإصحاح العاشر 16، 17 .
[3] انظر في العرض السابق: فصول في فقه العربية 21 – 29 وتاريخ اللغات السامية 1 – 8 .
[4] فصول في فقه العربية 29 .
[cov2019]