صين ما بعد جائحة كورونا بين مؤيد ومعارض

0

صين ما بعد جائحة كورونا بين مؤيد ومعارض

صين ما بعد الجائحة قبضة أمنية شديدة والحزب الشيوعي يهيمن على مقدرات الأمور في البلاد كلها.

ما أكثر الدول التي تتبنى الرأسمالية منهجاً اقتصادياً لكنها تتنكر لليبرالية وتجنح نحو الشمولية.

يجب التفريق بين «مركزية» الدولة ودورها والشمولية السياسية لكن الشمولية ليست سمة للصين وحدها.

الوباء كان يمكن أن يظهر في أي بلد آخر بل رجّحت معلومات ظهوره حتى في أوروبا نفسها قبل الإعلان عن تفشيه بالصين.
* * *

تقديم الكاتب اشرف السعدنى

كارهو الصين، ناهيك عن المعجبين بتجربتها في النمو الاقتصادي الذي أوصلها إلى عتبة أن تكون القوة الاقتصادية العالمية الأولى قريباً، يجمعون أنها الدولة الأنجح، حتى اللحظة على الأقل، في التصدي لجائحة «كورونا» واحتوائها خلال فترة قياسية.

بل كانت من أوائل الدول التي نجحت في تطوير لقاحات ضده، بدأت دول كثيرة في استخدامها، فيما تتوالى الإصابات والوفيات بسبب الفيروس في دول كبرى وقوية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، ناهيك عن الدول الأقل نمواً.

يمكن للفريقين، من كارهي الصين والمعجبين بتجربتها، أن يختلفوا في أسباب هذا النجاح الصيني، فمنطق كذاك الذي يتبناه الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، يذهب إلى وصف «كورونا» بالوباء الصيني، محملاً الصين مسؤولية «صنع» الجائحة، وتصديرها للخارج!

وإن كان العقلاء من الساسة، مهما كانت نظرتهم للصين، يدركون أن الأمر ليس كذلك، وأن الوباء كان يمكن أن يظهر في أي بلد آخر غيرها، بل إن معلومات رجحت مؤخراً ظهوره حتى في أوروبا نفسها قبل الإعلان عن تفشيه في الصين.

«الرأسمالي» جداً بيل غيتس، أقرّ بنجاح الصين الملحوظ في احتواء الجائحة، دون أن ينسى ردّ الأمر إلى ما وصفه بنظامها الشمولي، حيث أمكن للدولة تعبئة كل الأجهزة والأفراد في حملات واسعة النطاق في التصدي للوباء، مستخدمة تدابير أشدّ صرامة بكثير من تلك التي اتخذت في دول غربية.

وأثارت ردود فعل مضادة خاصة من القوى اليمينية المتطرفة التي احتجت على تدابير إغلاق بعض المناطق وإيقاف بعض الأنشطة الاقتصادية والتجارية والسياحية.
لكن يتعين للمراقب، إن أراد أن يكون موضوعياً، التبصر في الوجه الاجتماعي في سياسة دولة كالصين.

فمع الإقرار بالقبضة الأمنية الشديدة، وهيمنة الحزب الشيوعي على مقدرات الأمور في البلد كلها، فإن هذه الدولة، على خلاف نظيراتها الغربيات، أظهرت وتظهر تمسكاً في الوفاء بالتزاماتها في تقديم الخدمات الاجتماعية، بدرجة كبيرة من المساواة، لمواطنيها، وهذا ما عكسه نطاق ومستوى خدماتها الصحية في الجائحة، حدّ بناء وتجهيز مستشفيات ضخمة خلال أيام أو أسابيع قليلة.

في كل الأحوال يجب التفريق بين «مركزية» الدولة ودورها، والشمولية السياسية. الشمولية ليست سمة للصين وحدها. ما أكثر الدول التي تتبنى الرأسمالية منهجاً اقتصادياً، لكنها تتنكر لليبرالية وتجنح نحو الشمولية.

* د. حسن مدن كاتب صحفي من البحرين

[cov2019]